للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء كالحنفية (١)، والمالكية (٢)، والشافعية (٣)، وهي الرواية الأخرى عند الحنابلة: لا يجوز (٤)، وسبب الخلاف كله يدور حول فهم الحديث الذي أوردناه قبل قليل الذي أخرجه البخاريُّ وغيره أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "الظَّهر يُركَب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبن الدر يُشرَب بنفقته إن كان مرهونًا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة"، فهل المراد بذلك هو الراهن صاحب الحق أو المرتهن؟ يفسِّره الجمهور بالأول، ويفسره الحنابلة بالثاني.

* قوله: (وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ (٥)، وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ أَبُو


(١) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٦/ ١٤٦) قال: "وكذا ليس للمرتهن أن ينتفع بالمرهون، حتى لو كان الراهن عبدًا ليس له أن يستخدمه، وإن كان دابة ليس له أن يركبها، وإن كان ثوبًا ليس له أن يلبسه، وإن كان دارًا ليس له أن يسكنها، وإن كان مصحفًا ليس له أن يقرأ فيه؛ لأن عقد الرهن يفيد ملك الحبس لا ملك الانتفاع".
(٢) يُنظر: "مناهج التحصيل" للرجراجي (٨/ ٢٧٦، ٢٧٧) قال: " … وقال جمهور أهل العلم: ليس له أن ينتفع بشيء من الرهن حيوانًا كان أو غيره، وبه قال مالك، والشافعي -رضي الله عنهما- ".
وسبب الخلاف: اختلافهم في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الرهن محلوب ومركوب بقدر نفقته" فمن قال: أن للمرتهن أن يستعمل الحيوان والدابة حمل الحديث على ظاهره ورأى أن ذلك مباح للمرتهن، ومن قال: إنه لا ينتفع من الرهن بشيء، فإنه يصرف الكلام عن ظاهره بالتأويل، ويكون معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الرهن مركوب ومحلوب بنفقته" معناه: أن غلاته وكراء ظهره للراهن؛ لأن عليه نفقته".
(٣) الشافعية لم يجعلوا للمرتهن حقًّا في التصرف في الرهن، بل جعلوا ذلك للراهن.
قال زكريا الأنصاري: " (للراهن انتفاع لا ينقص الرهن)، أي: المرهون (كركوب، وسكنى، واستخدام) لخبر البخاري: "الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونًا"، ولخبر: "الرهن مركوب، ومحلوب". انظر: "أسنى المطالب" (٢/ ١٦١).
(٤) يُنظر: "الكافي"، لابن قدامة (٢/ ٨٤) قال: "إلا ما كان مركوبًا أو محلوبًا، ففيه روايتان:
إحداهما: هو كغيره لما ذكرناه. والثانية: للمرتهن الإنفاق عليه، ويركب ويحلب بقدر نفقته، متحريًا للعدل في ذلك، سواء تعذر الإنفاق من المالك أو لم يتعذر".
(٥) يُنظر: "مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه" لإسحاق الكوسج (٦/ ٣٠٥١، ٣٠٠٢)، وفيها: "قلت: سئل سفيان عن رجل ارتهن دابةً، فعلفها من غير أن يأمره صاحب الدابة؟ فقال: العلف على المرتهن، من أَمَرَهُ أن يُعَلِّفَ. قال أحمد: هذا=

<<  <  ج: ص:  >  >>