للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ قَالَ: "الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ" (١). وَمِنْ هَذَا البَابِ اخْتِلَافُهُمْ فِي الرَّهْنِ يَهْلِكُ عِنْدَ المُرْتَهِنِ مِمَّنْ ضَمَانُهُ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: الرَّهْنُ أَمَانَةٌ وَهُوَ مِنَ الرَّاهِنِ، وَالقَوْلُ قَوْلُ المُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ مَا فَرَّطَ فِيهِ وَمَا جَنَى عَلَيْهِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا القَوْلِ الشَّافِعِيُّ (٢)، وَأَحْمَدُ (٣)، وَأَبُو ثَوْرٍ (٤)، وَجُمْهُورُ أَهْلِ الحَدِيثِ (٥) ".

فالراهن هو الذي يضمن شريطةَ ألَّا يحصلَ تفريط من المرتهن.

* قوله: (وَقَالَ قَوْمٌ: الرَّهْنُ مِنَ المُرْتَهِنِ وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ، وَمِمَّنْ قَالَ


= متبرع. قال إسحاق: كلما رهنه دابة، فإن العلف على المرتهن، وله أن ينتفع بقدر العلف؛ لِما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الرهن مركوب ومحلوب"".
(١) سبق تخريجه.
(٢) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٦/ ٢٥٤) قال: "اختلف الناس في الرهن هل هو مضمون على المرتهن أو غير مضمون على خمسة مذاهب؟ إحداها: وهو مذهبنا أن الرهن أمانة لا يضمن إلا بالتعدي، وبه قال من الصحابة أبو هريرة -رضي الله عنه-، ومن التابعين ابن المسيب، ومن الفقهاء ابن أبي ذئب، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور". وانظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٤/ ٢٧٧).
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (٢/ ١١٢)، قال: "والرهن بيد مرتهن أو من اتفقا عليه (أمانة ولو قبل عقد) عليه نصًّا (كبعد وفاء) دين أو إبراء منه، للخبر ولأنه لو ضمن لامتنع الناس منه خوف ضمانه فتتعطل المداينات وفيه ضرر عظيم، فإن تلف بلا تعدٍّ ولا تفريط فلا شيء عليه (ويدخل في ضمانه)، أي: المرتهن أو نائبه (بتعدٍّ أو تفريط) فيه كسائر الأمانات".
(٤) قال ابن المنذر: "افترق أهل العلم في الرهن يهلك عند المرتهن خمس فرق … وقال فرقة: يكون من مال الراهن، وحق المرتهن ثابت على الراهن، هذا قول الشافعي، وأحمد، وأبي ثور". انظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" (٦/ ١٨٠ - ١٨١).
(٥) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٦/ ٣٧٦) قال: "قالت طائفة: سواء كان مما يخفى أو مما لا يخفى لا ضمان فيه على المرتهن أصلًا ودينه باقٍ بكماله حتى يؤدي إليه، وهو قول الشافعي، وأبي ثور، وأحمد بن حنبل، وأبي سليمان، وأصحابهم". وانظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>