للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَذَا القَوْلِ أَبُو حَنِيفَةَ (١)، وَجُمْهُورُ الكُوفِيِّينَ (٢). وَالَّذِينَ قَالُوا بِالضَّمَانِ انْقَسَمُوا قِسْمَيْنِ: فَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ بِالأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، أَوْ قِيمَةِ الدَّيْنِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَجَمَاعَةٌ (٣). وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ قَلَّتْ أَوْ كثُرَتْ، وَإِنَّهُ إِنْ فَضَلَ لِلرَّاهِنِ شَيْءٌ فَوْقَ دَيْنِهِ أَخَذَهُ مِنَ المُرْتَهِنِ، وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَطَاءٌ (٤)، وَإِسْحَاقُ (٥). وَفَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِثْلُ الحَيَوَان، وَالعَقَارِ مِمَّا لَا يَخْفَى هَلَاكُهُ، وَبَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنَ العُرُوضِ، فَقَالُوا: هُوَ ضَامِنٌ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ،


(١) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص: ٩٢)، قال: "وإذا اتفقا على وضع الرهن على يد عدل جاز وليس للمرتهن ولا للراهن أخذه من يده فإن هلك في يده هلك من ضمان المرتهن".
(٢) يُنظر: "الإشراف على مذاهب العلماء"، لابن المنذر (٦/ ١٨١)، قال: "وقالت فرقة إن كان الرهن أكثر مما رهن فيه، فهلك فهو بما فيه، والمرتهن أمين في الفضل، وإن كان أقل رد عليه النقصان، هكذا قال النخعي، والثوري، وأصحاب الرأي".
(٣) يُنظر: "مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي (٤/ ٣٠٩)، قال: "قال أبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى والثوري والحسن بن حَيّ: الرَّهن مضمون بأقل من قيمته ومن الدَّين".
(٤) ينظر "عيون المسائل" للقاضي عبد الوهاب (ص: ٥٤١) قال: "واختلف النَّاس في الرَّهْن، هل هو مضمون أم لا؟ على خمسة أقوال: فقولنا ما سبق، وأنّه إذا ضمن، فهو مضمون بقيمته؛ قلت: أو كثرت، ويتراد الراهن والمرتهن الفضل، فإن فضل للراهني من القيمة شيء على مبلغ الحق، أخذه من المرتهن، وإن فضل للمرتهن شيء من حقِّه على قيمة الرَّهْن، أخذه من الراهن، وبه قال علي ابن أبي طالب رضى الله عنه، وعطاء وإسحاق".
(٥) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٦/ ٣٧٥) قال: "قالت طائفة: يترادان الفضل، فإن كان قيمة الرهن وقيمة الدين سواء، فقد سقط الدين عن الذي كان عليه ولا ضمان عليه في الرهن. وإن كانت قيمة الرهن أكثر سقط الدين بمقداره من الرهن وكلف المرتهن أن يؤدي إلى الراهن مقدار ما كان تزيده قيمة الرهن على قيمة الدين. وإن كانت قيمة الرهن أقل سقط من الدين بمقداره وأدى الراهن إلى المرتهن فضل ما زاد الدين على قيمة الرهن. روينا من طريق الحكم، وقتادة: أن علي بن أبي طالب قال: يتراجعان الفضل -يعني: في الرهن يهلك. وروي أيضًا عن ابن عمر، وهو قول عبيد الله بن الحسن، وأبي عبيد، وإسحاق بن راهويه".

<<  <  ج: ص:  >  >>