للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَادَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ عَلَى قِيمَةِ الدَّيْنِ فَهُوَ أَمَانَةٌ" (١). فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ أَمَانَةً (٢). وَمَعْنَى قَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- عِنْدَ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ: "وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ أَيْ: نَفَقَتُهُ. قَالُوا: وَمَعْنَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ أَيْ: أُجْرَةُ ظَهْرِهِ لِرَبِّهِ، وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ) (٣).

والذي يظهر لنا هو رجحان القول الأول وهو قول القائلين بأنه لا يضمن، فعندما وضع الراهن الرهن عند المرتهن فإنما وثق به فينبغي أن يكون حسن الظن موجودًا.

* قوله: (وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: فَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ"، أَنَّ غُنْمَهُ مَا فَضَلَ مِنْهُ عَلَى الدَّيْنِ، وَغُرْمَهُ مَا نَقَصَ) (٤).

و"الغنم" هو ما يحصل عليه من فوائد، و"الغرم" ما يحصلُ له من نقص.

* قوله: (وَعُمْدَةُ مَنْ رَأَى أَنَّهُ مَضْمُونٌ مِنَ المُرْتَهِنِ أَنَّهُ عَيْنٌ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ ابْتِدَاءً، فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ بِتَلَفِهِ، أَصْلُهُ تَلَفُ المَبِيعِ عِنْدَ


(١) يُنظر: "درر الحكام شرح غرر الأحكام"، لملا خسرو (٢/ ٢٥٩)، قال: " (وجناية المرتهن عليه)، أي: على الرهن (تسقط من ديته)، أي: المرتهن (بقدرها)، أي: الجناية؛ لأنه أتلف ملك غيره فلزمه ضمانه، وإذا لزمه وكان الدين قد حل سقط من الضمان بقدره ولزمه الباقي؛ لأن ما زاد على قدر الدين من القيمة كان أمانة".
(٢) نقل كلام المزني أبو عمر ابن عبد البر في: "الاستذكار" (٧/ ١٣٥)، فقال: "وقال المزني قد قال مالك ومن تابعه إن الحيوان ما ظهر هلاكه أمانة".
(٣) انظر: "الاستذكار"، لأبي عمر ابن عبد البر (٧/ ١٣٥).
(٤) يُنظر: "التجريد"، للقدوري (٦/ ٢٨٥٨، ٢٨٥٩)، قال: "قوله: "له غنمه، وعليه غرمه"، بمعنى: له زيادة من الولد والثمرة، وعليه غرمه من النفقة والمؤنة، ويحتمل: له غنمه إذا بيع بأكثر من الدين كان الزيادة له، وإذا بيع بأقل كان غرم النقصان عليه، ولا يجوز أن يحمل الغرم على الهلاك؛ لأن الغرم هو اللزوم، ومنه سمي الغريم غريمًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>