للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وظلَّ على حاله والله تعالى يقول: {وَابْتَلُوا}، يعني: اختبروا (١)، وبعض العلماء يرى أنه يبتدئ بالاختبار قبيل سن البلوغ فيجرب الإنسان، إن كان أبوه غنيًّا يعطيه أبوه الفرصة بأن يبيع ويشتري، وإن كان غير ذلك فإنه يمكَّن من العمل في أيِّ مكان من الأمكنة، ويجرِّب بعض الأمور.

* قوله: (وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُمْ رُشْدٌ بَعْدَ البُلُوغِ، ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهُمْ سَفَهٌ، فَهَؤُلَاءِ لَا يُبْدَأُ بِالحَجْرِ عَلَيْهِمْ) (٢).

لأنهم يقولون: أنه عندما يصلُ إلى سنِّ البلوغ كان راشدًا، والله تعالى يقول: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}، أي: إذا بلغوا مبلغ الرجال ومبلغ النساء {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا}، أي: وجدْتُم فيهم وأدركتم صلاحًا لأموال فادفعوا إليهم أموالهم، وهذا قد ثبت صلاحه وأهليته لأنْ يتصرف، فكيف نأتي بعد ذلك ونحجر عليه؟!

* قوله: (وَأَبُو حَنِيفَةَ يَحُدُّ فِي ارْتِفَاعِ الحَجْرِ، وَإِنْ ظَهَرَ سَفَهُهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ عَامًا).

فيجعل الحدَّ في ذلك خمسة وعشرين عامًا وبذلك ينتهي، ويستدلُّ الحنفية بقول الله سبحانه وتعالى في أواخر سورة الأنعام: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}، ومعنى يبلغ أشده: أي: يصبحُ رجلًا سويًّا (٣).


(١) وهو تفسير ابن عباس، كما أخرجه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٤٠٣).
(٢) قال ابن هبيرة: "ثم اختلفوا فيما إذا طرأ عليه السفه بعد أن أُونس منه الرشد هل يحجر عليه أم لا؟ فقال مالك وأحمد والشافعي: "يحجر عليه". وقال أبو حنيفة: "لا يحجر عليه وإن كان مبذرًا". انظر: "اختلاف الأئمة العلماء" (١/ ٤٢٩).
(٣) يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي"، للجصاص (٣/ ١٨٩) قال: "وأما منع ماله قبل الخمس والعشرين سنة، ودفعه إليه بعدها، فإن أبا حنيفة ذهب فيه إلى ظاهر قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}. فلو خلينا وموجب اللفظ، لمنعناه المال أبدًا حتى يؤنممنه رشده، فلما قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}، وكانت "حتى" غاية يقتضي=

<<  <  ج: ص:  >  >>