للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الحديث مرَّ بنا، وفي بعض الروايات: حبان بن منقذ، وفي بعضها: منقذ بن حبان، فهل هو الابن أو الأب؟ وهذا لا يؤثر (١)، وهو حديث أصله في الصحيحين (٢)، وجاء في السنن التصريح باسمه؛ أي: باسم حبان بن منقذ (٣)، وهذا قصته معروفة: رجل كان يخدع في البيوع لشيء أصابه في رأسه فشكى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاله وأنه يخدع في البيوع، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا بايعت فقل: لا خلابة"، أي: لا خديعة ولا غدر (٤)، فكان يفعل ذلك، وامتدَّ به ذلك إلى عهد


= {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (٤٠)}، فأثبت عليه حكم سعيه، وهو عام في جميع تصرفه وأفعاله. وكذلك قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}، ثم قال: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}، فأجاز مداينة السفيه والضعيف اللذين لا يقومان بضبط الإملاء، ولو كان السفه والضعف عن معرفة التجارة، وحفظ المال موجبًا للحجر، لما جازت مداينتهما، ولكانا فيه بمنزلة الصبي والمجنون. انظر: "شرح مختصر الطحاوي"، للجصاص (٣/ ١٨٥).
(١) الذي يظهر أنه وقع اختلاف في تعيينه. نقل ابن الملقن عن الرافعي أن ذلك الرجل هو حبان بن منقذ، أصابته آمة في رأسه، فكان يخدع في البيع، قال: وهو أحد القولين فيه، وبه جزم ابن الطلاع في "أحكامه"، وورد كذلك مصرحًا في بعض روايات هذا الحديث، وفي بعضها أنه والده منقذ، وجزم به عبد الحق في "جمعه بين الصحيحين"، وتردد في ذلك الخطيب في "مبهماته"، وابن الجوزي في "تلقيحه". وقال النووي: "الأشهر الأصح الثاني". انظر: "البدر المنير" (٦/ ٥٣٧، ٥٣٨).
(٢) أخرجه البخاري (٢١١٧)، ومسلم (١٥٣٣) عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رجلًا ذكر للنبي -صلى الله عليه وسلم-، أنه يخدع في البيوع، فقال: "إذا بايعت فقل لا خلابة".
(٣) لم يأت في السنن التصريح باسمه إلا عند ابن ماجه (٢٣٥٥)، لكن ذكر أن اسمه: منقذ بن عمرو.
أما حبان بن منقذ، فجاء عند غير أصحاب السنن، منه ما أخرجه الدارقطني (٤/ ٧)، والبيهقي (٥/ ٤٤٩) عن ابن عمر، قال: كان حبان بن منقذ رجلًا ضعيفًا، وكان قد سفع في رأسه مأمومة فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- له الخيار فيما يشتري ثلاثًا، وكان قد ثقل لسانه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بع وقل: لا خلابة"، فكنت أسمعه يقول: "لا خذابة، لا خذابة".
(٤) يُنظر: "غريب الحديث"، لأبي عبيد (٢/ ٢٤٣)، قال: "لَا خِلابة، يعني: الخداع، يقال منه: خلبتَه أخلُبه خِلابة، إِذا خدعته".

<<  <  ج: ص:  >  >>