للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصحابة -رضي الله عنهم- فكان يحصل نزاع بينه وبين بعض البائعين فيشهد له أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهبه ذلك الحقَّ (١).

* قوله: ("إِذْ ذَكَرَ فِيهِ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي البُيُوعِ، فَجَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الخِيَارَ ثَلَاثًا، وَلَمْ يَحْجِرْ عَلَيْهِ". وَرُبَّمَا قَالُوا: الصِّغَرُ هُوَ المُؤَثِّرُ فِي مَنْعِ التَّصَرُّفِ بِالمَالِ، بِدَلِيلِ تَأْثِيرِهِ فِي إِسْقَاطِ التَّكْلِيفِ، وَإِنَّمَا اعْتُبِرَ الصِّغَرُ، لِأَنَّهُ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ السَّفَهُ غَالِبًا).

لكن الجمهور دليلهم هذه الآية التي فيها الاختبار، ثم الآية التي قبلها: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٥)}، فإن السفيه سفيهٌ مهما تقدم به السنُّ ومهما طال عمرُهُ.

* قوله: (كَمَا يُوجَدُ فيه نَقْصُ العَقْلِ غَالِبًا، وَلذَلِكَ جُعِلَ البُلُوغُ عَلَامَةَ وُجُوبِ التَّكْلِيفِ وَعَلَامَةَ الرُّشْدِ إِذْا كَانَا يُوجَدَافي فِيهِ غَالِبًا، -أَعْنِي: العَقْلَ وَالرُّشْدَ- وَكمَا لَمْ يُعْتَبَرِ النَّادِرُ فِي التَّكْلِيفِ، أَعْنِي: أَنْ يَكُونَ قَبْلَ البُلُوغِ عَاقِلًا فَيُكَلَّفُ؛ كَذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرِ النَّادِرُ فِي السَّفَهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ البُلُوغِ سَفِيهًا فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ، كَمَا لَمْ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ قَبْلَ البُلُوغِ رَشيدًا (٢). قَالُوا: وقَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} الآيَةَ [النساء: ٥]، لَيْسَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ مَنْعِهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ فَسْخَ بُيُوعِهَا وَإِبْطَالَهَا) (٣).


(١) وجه الدلالة من الحديث أنه لو كان الحجر واجبًا للسفيه لمنعه -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ إنه لا يصبر عن التصرف. انظر: "التجريد"، للقدوري (٦/ ٢٩٢٩ - ٢٩٣٠).
(٢) كما فرقوا بين البالغ والمراهق الذي دون البلوغ بأن الغالب من أمر الصبيان أنهم يضيعون المال ولا يهتدون إلى المصالح، فأجرى حكم الأغلب على الجميع، فحجر على من لا يبذر منهم، والغالب من حال الباغين أنهم يهتدون إلى حفظ المال ويحفظونه، فالتبذير نادر فيهم، فأجرى حكم الأغلب على النادر ولم يحجر عليه. انظر: "التجريد"، للقدوري (٦/ ٢٩٣٥).
(٣) قال البابرتي: "ورُدَّ بأن ذلك لمنع المال، وليس النزاع فيه، وإنما النزاع في الحجر". انظر: "العناية شرح الهداية" (٩/ ٢٦٩).=

<<  <  ج: ص:  >  >>