للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أن يدخل بها زوجها.

والثالث: أن يؤنس بها رشدها؛ أعني: يظهر بعد زواجها أنها أهلٌ لأنْ تتصرف .. هذه شروط ذكرت عن الإمام مالك رَحِمَهُ اللهُ.

وعن أحمد رواية أخرى (١): أنه لا بد من أن تتزوَّج، وأن يمرَّ عليها عام بعد زواجها، أو أن تلد؛ لأنَّه إذا مرَّ عليها عام، وجربت بيت الزوجية، وأدركت المسؤولية وأحست بها، وإذا ولدت أيضًا سيكون لها طفل، فهي سترعاه وتدرك أهمية ذلك، وتحس بالمسؤولية أيضًا، قالوا: وهذا (أي: قول أحمد في هذه الرواية) أُثر عن عمر -رضي الله عنه- أنه وجه القاضي شريحًا بذلك (٢)، هذه حجة الذين قالوا بهذا القول، لكن الجمهور خالفوا وقالوا: إن الآية صريحة في ذلك، فذكرت البلوغ وإيناس الرشد، وهي عامة تشمل الذكر والأنثى.

* قوله: (وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الجُمْهُورِ) (٣).

إذًا، الإمَام مالكٌ رَحِمَهُ اللهُ له قولٌ آخر -وإنْ لم يكن مشهورًا- يتفق فيه مع الجمهور، وأحمد في المشهور عنه مع أبي حنيفة والشافعي، وله قول آخر اقتداءً بما أُثِرَ عن عمر -رضي الله عنه-، وأبو حنيفة والشافعي ليس لهما إلا قولٌ واحدٌ، وهو أنه لا فرق بينهما.


(١) ينظر: "الإنصاف" للمرداوي (٥/ ٣٢٢) حيث قال: "وعنه (أي: عن أحمد) لا يدفع إلى الجارية مالها ولو بعد رشدها حتى تتزوج وتلد، أو تقيم في بيت الزوج سنةً؛ اختاره جماعةٌ من الأصحاب، منهم: أبو بكرٍ، والقاضي، وابن عقيل في "التذكرة"، والشيرازي في "الإيضاح".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١١/ ١٨٩) عن إسماعيل بن أبي خالد، وزكريا بن أبي زائدة عن الشعبي، عن شريح: قال لي عمر: إني لا أجيز عطية جارية حتى تحول في بيتها حولًا، أو تلد ولدًا. قال إسماعيل: قلت للشعبي: أرأيت إن عنست يجوز؟ قال: نعم.
(٣) يُنظر: "مواهب الجليل"، للحطاب (٥/ ٦٧)؛ حيث قال: "قيل في ذات الأب: إنها تخرج بالحيض من ولاية أبيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>