للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك المُكرَه علَى أمرٍ، لَكن ليس علَى إطلاقه، فليس كل مُكْرَهٍ له أن يفعل ما يُكرَه عليه؛ لأنَّ الإكراهَ أنواعٌ، فأَحْيَانًا يكون الإكراهُ إكراهًا مُلْجئًا (١) بأنه إنْ لم يفعل الإنسان ذلك الأمر يُقْتل (٢)، وأحيانًا يكون الإكراه على سبيل التهديد (٣).

مثال: الَّذي يزني مثلًا ليسَ له أن يفعل ذلك مطلقًا، لكن لو قيل له: إن لم تزنِ قتلناك، أو تسرق … وإنْ كان العلماء اختلفوا أيضًا في هذا الإكراه (٤).


(١) ويُسمَّى الإكراه التام: وهو ما فيه تلف نفس، أو عضو، أو ضرب مبرح. انظر: "مجلة الأحكام العدلية" (ص ١٨٥)، و"حاشية ابن عابدين" (١/ ٦٥١).
(٢) قال القرطبيُّ: "أجمع العلماء على أنَّ مَنْ أكره على قتل غيره أنه لا يجوز له الإقدام على قتله، ولا انتهاك حرمته بجلدٍ أو غيره، ويصبر على البلاء الذي نزل به، ولا يحل له أن يفدي نفسه بغيره، ويسأل الله العافية في الدنيا والآخرة". انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٠/ ١٨٣).
(٣) ويُسمَّى الإكراه غير الملجئ: وهو الذي يوجب الغم والألم فقط كالضرب غير المبرح والحبس غير المديد. انظر: "مجلة الأحكام العدلية" (ص ١٨٥) و"حاشية ابن عابدين" (٣/ ٦٥١).
(٤) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٧/ ١٨٠) حيث قال: " (وأما) المكره على الزنا فقد كان أبو حنيفة رحمه الله يقول: أولًا إذا أكره الرجل على الزنا يجب عليه الحد وهو القياس؛ لأن الزنا من الرجل لا يتحقق إلا بانتشار الآلة، والإكراه لا يؤثر فيه، فكان طائعًا في الزنا، فكان عليه الحد، ثم رجع وقال: إذا كان الإكراه من السلطان لا يجب بناءً على أن الإكراه لا يتحقق إلا من السلطان عنده، وعندهما يتحقق من السلطان وغيره، فإذا جاء من غير السلطان ما يجيء من السلطان لا يجب". وانظر: حاشية ابن عابدين "رد المحتار" (٦/ ١٣٧).
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٤/ ٣١٨) حيث قال: " (والمختار أن) الرجل (المكره) بالفتح على الوطء (كذلك) أي: لا يحد ولا يؤدب لعذره بالإكراه كالمرأة (والأكثر على خلافه)، وأنه يحدُّ، وهو المشهور.
مذهب الشافعية، يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (١٠/ ٩٥) حيث قال: "فلو أُكْره رجل على الزنا، فزنى، لم يجب الحد على الأصح".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٣٤٨) حيث قال: " (أو) =

<<  <  ج: ص:  >  >>