للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَكذا هناك مسائل كثيرة يختلف فيها العلماء، وهي مما يورده العلماء أيضًا في كُتُب القواعد، لَكن المهم أنَّ عادة الفقهاء على الخصوص، وكذلك الأصوليون في كتب القواعد والأصول كثيرًا ما يفردون النَّاسي والجاهل والمُكره بأحكامٍ، وهي أحكام يكثر دورانها، وتشتد الحاجة إليها، وبالتالي يكثر وجودها في الفقه.

* قوله: (وَكِلَا هَذَيْنِ القَوْلَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ (١)، وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ رَاجِعٌ إِلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ).

المؤلف يريد أن يحصر سبب الخلاف في أمورٍ ثلاثةٍ، وكما قلنا مرارًا من مزايا هذا الكتاب أنه يذكر الأقوال، ثمَّ يحاول أن يقفَ عند أسباب الخلاف بين العلماء؛ لأنَّ هَذِهِ من الأمور التي تشغل طلاب العلم، حيث يَتسَاءل: ما الدَّاعي إلى كثرة الخلاف وتنوُّعه وتعدُّده وتوسُّعه، واشتغال العلماء فيه؟ لماذا لا يَخْتارون قولًا من الأقوال ويقفون عنده، ولا يَتشعَّبون، وقد بَيَّنت هذا، وتَكلَّمنا عنه كثيرًا، وقلنا: إنَّ هذه الاختلافات التي كان القصد منها الوُصُول إلى الحقِّ هي الَّتي أثرت الفقه الإسلامي مدته بهذا الكنز العظيم الذي نضع أيدينا عليه؛ فهذا الكتاب إنما هو قليل من كثير بالنسبة للفقه.


= زنى مكلف (مكرهًا) حد؛ لأن وطء الرجل لا يكون إلا مع انتشار، والإكراه ينافيه، فإذا وجد الانتشار انتفى الإكراه، كما لو أكره على غير الزنا فزنى (أو) زنى مكلف (جاهلًا بوجوب العقوبة) على الزنا مع علم تحريمه (حد) لقصة ماعز". وانظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٦٠).
(١) يُنظر: "المنتقى شرح الموطأ" للباجي (١/ ٤١) حيث قال: "فأما إزالة النجاسة، فإن أصحابنا العراقيين اختلفوا فيما حكوا عن مالك في ذلك، فحكى القاضي أبو محمد في المعونة عن مالكٍ في ذلك روايتين، إحداهما: أن إزالتها واجبة وجوب الفرائض. والثانية: أنها واجبة وجوب السنن، وذهب القاضي أبو الحسن إلى أننا إن قلنا: إنها واجبة وجوب الفرائض أعاد الصلاة أبدًا من صلى بها ناسيًا أو عامدًا … ومن صلى بها ناسيًا أو مضطرًّا، أعاد في الوقت استحبابًا". وانظر "فتح العلي المالك" لعليش (١/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>