للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَأَمَّا وَصِيَّتُهُ: فَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي نُفُوذِهَا) (١).

لأن الوصية هي تصرف في المال، ومثلها التدبير، والتدبير: هو أن يعلق عِتْقَ عبده إلى بعد وفاته، فهذه ليس فيها ضرر عليه، إنما فيها فائدة له؛ لأنَّه إذا أوصى أو دبر عبدًا، فإنه يُثَاب على هذا العمل، وهي قربةٌ يُتَقرب بها إلى الله -سبحانه وتعالى-، وهي لا تضر به في حياته؛ لأن ذلك سيحصل بعد موته، فهو لم يتصرَّف في ذلك في وقت حياته وبعد الممات استغنى عن ذلك، فله ذلك كالحال بالنسبة لغير السفيه، ولذلك تجوز وصيته وتدبيره.

قوْله: (وَلَا تَلْزَمُهُ هِبَةٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَا عَطِيةٌ، وَلَا عِتْقٌ، وَلَا شَيءٌ مِنَ المَعْرُوفِ إِلَّا أن يُعْتِقَ أُمَّ وَلَدِهِ، فَيَلْزَمُهُ عِتْقُهَا (٢)، وَهَذَا كُلُّهُ فِي المَذْهَبِ).

وهذَا هو رأي جماهير العلماء (٣)، وقد صدَّر المسألة بذلك.

قال: (وَهَلْ يَتْبَعُهَا مَالُهَا؟ فِيهِ خِلَافٌ: قِيلَ: يَتْبَعُ، وَقِيلَ: لَا يَتْبَعُ، وَقِيلَ بِالفَرْقِ بَيْنَ القَلِيلِ وَالكَثِيرِ (٤)، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ بِعِوَضٍ؛ فَهُوَ أَيْضًا مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ وَليِّهِ إنْ كَانَ لَهُ وَليٌّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَليٌّ، قُدِّمَ


(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (٢/ ٧٧، ٧٨)، قال: وقال مالك: الأمر المجتمع عليه أن الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق أحيانًا تجوز وصاياهم إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به.
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٤/ ٣٥٩) حيث قال: " ولا يصحُّ عتق السفيه إلا لأم ولده؛ لأنه ليس له فيها إلا الاستمتاع ويسير الخدمة".
(٣) تقدم في أول المسألة.
(٤) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٦/ ٣٢٧) حيث قال: " نقل في التوضيح في باب الحجر في ذلك ثلاثة أقوال: يفرق في الثالث بين اليسير، والكثير، ونقلها غيره، وعزا اللخمي الثالث لابن القاسم، وقال: إنه الأشبه ذكره في الحجر، والقول الثاني: أنه لا يتبعها مالها، وَإنْ لم يستثنه. قال ابن رشد في رسم العتق من سماع أشهب: هو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب ".

<<  <  ج: ص:  >  >>