للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حذفًا، وهنا يسلك هذا المسلك، وهذا هو الرأي الصحيح (١).

وفي نظري، لا ينبغي أن نقول: إن في كتاب الله مجازًا؛ لأن كتاب الله سبحانه وتعالى كتابٌ عظيمٌ، أنزله الله سبحانه وتعالى بواسطة جبريل عليه السلام على محمد - صلى الله عليه وسلم -، بلسانٍ عربِيٍّ مبينِ، وهو خالٍ أيضًا مِنَ المجاز، وإنما يقال فيه أمور أُخرى كما نرى، فقد يَكون في القرآن كناياتٌ بأمورٍ كثيرةٍ كما مر بنا فيما يتعلَّق بالأمور المتعلقة بالوضوء، كقوله: {بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: ١٨٧]، وآيات أُخرى كثيرة وردت فيها كنايات، فالقرآن أحيانًا لا يُصَرِّح ببعض الأمور فنُسَمِّيها كنايةً؛ ففي آية: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} [المدثر: ٤]، نقول: الثياب الحقيقيَّة، أو كناية أيضًا عن طهارة القلوب، وتنزيهها من الشرك.

* قوله: (وَالسَّبَبُ الثَّانِي: تَعَارُضُ ظَوَاهِرِ الآثَارِ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ).

يَعْني: يريد المؤلف أَنْ يقولَ: إنَّ هناك أدلة قد نجد بينها التعارض، فمثلًا: قد مرَّ بنا حديث: "إنهما ليُعَذَّبان … أما أحدهما: فكان لا يستنزه من البول" (٢)، ومرَّ كذلك حديث أسماء: "تَحتُّه ثم تقرصه ثم تنضحه بالماء"، بالنسبة للدم (٣)، وَسَيَأتِي أيضًا: "أنَّ رَجُلًا وضع سَلَى الجَزُور على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يُصلِّي بمكة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يقطع صلاته" (٤)،


(١) يُنظر: "مغ جواز المجاز" للشنقيطي (ص ٢٦، ٢٧) حيث قال: "فإن قيل: ما تقول أيها النافي للمجاز في القرآن في قوله تعالى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}، وقوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}، فالجواب أن قوله: {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} لا مانع من حَمْله على حقيقة الإرادة المعروفة في اللغة؛ لأن الله يعلم للجمادات ما لا نعلمه لها كما قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}، وأمثال هذا كثيرة جدًّا، فلا مانع من أن يعلم الله من ذلك الجدار إرادة الانقضاض. ويُجَاب عن هذه الآية أيضًا بما قدمنا من أنه لا مانعَ من كون العرب تَسْتعمل الإرادة عند الإطلاق في معناها المشهور، وتَسْتعملها في الميل عند دلالة القرينة على ذلك المفهوم.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) أخرجه مسلم (١٧٩٤) عن ابن مسعود، قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحابٌ له جلوسٌ، وقد نُحرَت جزور بالأمس، فقال أبو جهل: أيكم=

<<  <  ج: ص:  >  >>