فَعَلينا أن نسلِّم، وما ظهر لنا فنحن مأمورون باتباعه، وما علينا إلا أن نسلم ونستجيب لهذا الأمر قال تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: ٢٤].
* قوله: (هَلْ تِلْكَ العِلَّةُ المَفْهُومَةُ مِنْ ذَلِكَ الأَمْرِ أَوِ النَّهْيِ قَرِينَةٌ تَنْقُلُ الأَمْرَ مِنَ الوُجُوبِ إِلَى النَّدْبِ، وَالنَّهْيَ مِنَ الحَظْرِ إِلَى الكَرَاهَةِ؟ أَمْ لَيْسَتْ قَرِينَةً؟).
يَعْني: هَلْ هَذِهِ العلَّة قرينةٌ تنقل الأمرَ من الوجوب إلى غيره؛ قالوا: لأنَّ المعروفَ عادةً أن الأمور المعقولة ذات المعنى (المدركة) هي دائمًا من محاسن الأمور، ومن محاسن الأخلاق، وهي نظافة أدب، إلى غير ذلك؛ فهذه أمور مستحسنة في الغالب لا تكون واجبة، لكن لا يلزم هذا، فمنها ما هو واجب.
* قوله: (وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ العِبَادَةِ المَعْقُولَةِ وَغَيْرِ المَعْقُولَةِ؟ وَإِنَّمَا صَارَ مَنْ صَارَ إِلَى الفَرْقِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الأَحْكَامَ المَعْقُولَةَ المَعَانِي فِي الشَّرْعِ اَكْثَرُهَا هِيَ مِنْ بَابِ مَحَاسِنِ الأَخْلَاقِ).
نبَّه المؤلف هنا أيضًا على عادة الأمور، والمعروف في الشريعة الإسلامية أن الأمور معقولة المعنى تكون -في الغالب- من محاسن الأخلاق.
* قوله: (أَوْ مِنْ بَابِ المَصَالِحِ، وَهَذِهِ فِي الأَكثَرِ هِيَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا، فَمَنْ حَمَلَ قَوْله تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} [المدثر: ٤]، عَلَى الثِّيَابِ المَحْسُوسَةِ قَالَ: الطَّهَارَةُ مِنَ النَّجَاسَةِ وَاجِبَةٌ، وَمَنْ حَمَلَهَا عَلَى الكِنَايَةِ عَنْ طَهَارَةِ القَلْبِ، لَمْ يَرَ فِيهَا حُجَّةً).
لَكن حتَّى على قول مَنْ لا يرى فيها حُجَّةً، لا نفهم من هذه أن الخلاف كله يدور حول الآية، بل الأدلة -كما هو ظاهر- الَّتي ذكر المؤلف وأدلَّة أُخرى ستأتي هي -حقيقةً- موضع الفصل في هذا المقام.