للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنَّه إِنَّمَا يُبَاعُ عَلَى مِلْكِهِ، وَمَا لَا يُحْتَاجُ إلى بَيْعِهِ فَضَمَانُهُ مِنَ الغُرَمَاءِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ المَالُ عَيْنًا، وَالدَّيْنُ عَيْنًا. وَكُلُّهُمْ رَوَى قَوْلَهُ عَنْ مَالِكٍ).

لأن الَّذين قالوا من ضمان المفلس، اعتمدوا على الأصل بأنها لم تُقْبض منه تلك الأموال أو تلك السلع، فيبقى هو المسؤول عنها، لكن لو قبضت وانتقلت تغيَّر الحكمُ.

قَوْله: (وَفَرَّقَ أَصْبَغُ (١) بَيْنَ المَوْتِ وَالفَلَسِ، فَقَالَ: المُصِيبَةُ فِي المَوْتِ مِنَ الغُرَمَاءِ، وَفِي الفَلَسِ مِنَ المُفْلِسِ، فَهَذَا هُوَ القَوْلُ فِي أُصُولِ أَحْكَامِ المُفْلِسِ الَّذِي لَهُ مِنَ المَالِ مَا لَا يَفِي بِدُيُونِهِ، وَأَمَّا المُفْلِسُ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ أَصْلًا، فَإِنَّ فُقَهَاءَ الأَمْصَارِ مُجْمِعُونَ (٢) عَلَى أَنَّ العَدَمَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي إِسْقَاطِ الدَّيْنِ إِلَى وَقْتِ مَيْسَرَتِهِ).

فقهاء الأمصار مجمعون على أنه إذا عُدم المدين أي: لا مال عنده، فهو مفلس، فهذا له حق معتبر شرعًا، قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠].

قوله: (إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ (٣): أَنَّ لَهُمْ أَنْ يُؤَاخِرُوهُ، وَقَالَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ (٤)، وَكُلُّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ


= فما تلف من المال فمصيبته من الغرماء؛ لأنه قَدْ وجب لهم، ولم يفرق بين الثمن وغيره من ماله، وروى عن ابن القاسم مثل قول مالك الأول ".
(١) يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد (٢/ ٣٢٦) حيث قال: "وقال أصبغ: المصيبة في الموت من الغرماء، وفي التفليس من الغريم المفلس ".
(٢) قال ابن المنذر في " الإقناع " (٢/ ٥٦٥): " أن يكون الذي عليه الدَّين معسرًا، فلَا سَبيل إِلَى حَبْس المعسر؛ لأن الله - جلَّ ذكرُهُ - قَالَ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}.
(٣) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٤/ ٣٣٦) حيث قال: "والثانية: يُجْبر على الكسب، وَهُو قول عمر بن عبد العزيز".
(٤) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٤/ ٣٣٦) حيث قال: "وإذا فرق مال المفلس، وبقيت =

<<  <  ج: ص:  >  >>