للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُنَاك أمرَان: المطالبة والملازمة؛ فأبو حنيفة -رحمه الله - مع جمهور العلماء (١) أنَّه إذا ثبت إفلاس المدين، فلا يطالب، لكن محل الخلاف بينهم هل يلازم أو لا؟

الأئمة الثلاثة - بل عامة العلماء (٢) - يقولون: لا يلزم، وأبو حنيفة يرى بأنَّه يلزم، أي: يلازمه الغرماء ويتابعونه حتى إذا أراد أن يدخل بيته إنْ أذن لهم تركوه، وإنْ لم يأذنوا منعوه من دخول البيت خشيةَ أن يفرَّ منهم.

ودليل أبي حنيفة في هذه المسألة: "لصاحب الحق اليد واللسان" (٣)، هذا الحديث أخرجه الدارقطني، ومَعْناه أنَّ لصاحب الحق (الدائن) أن يتكلم بلسانه؛ فيُطَالب هذا الغريم بحقِّه، وله أن يَمْنعَه، وله أن يتابعه.

أما جمهور العُلَماء، فردوا بأنَّه قد عفي عنه بالمطالبة، فكيف يلازمه إذا كانت المطالبة قد سقطت عنه؟! فهو لا يجد شيئًا، والله تعالى يقول: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠]، إذن، هو يُنْظر، فإذا ما عاد إليه المال، فإنَّه حِينَئذٍ تعود المطالبة.


= وسأل) المدعي (تفتيشه وَجَبَ على الحاكم إجابته إلى ذلك) أيْ: إلى تفتيشه لاحتمال صدق المدعي وعدم المفسدة فيه.
(وإن صدقه) أي: المدين (غريمه) في دعوى الإعسار (لم يحبس ووجب إنظاره) إلى ميسرة (ولم تجز ملازمته) ".
(١) كما تقدم.
(٢) يُنظر: "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (٣/ ٢٨٠) حيث قال: " ٣/ ٢٨٠ ": "وأنظر يساره أيْ: لثبوت ذلك، ولا يلازم رب الدَّين الغريم بحيث كلما يأتيه شيء: يأخذه منه ".
ويُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٢/ ١٨٦) حيث قال: " (يحرم حبس من ثبت إعساره وملازمته ويجب إنظاره) حتى يوسر".
ويُنظر: "شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (٤/ ٨٢) حيث قال: "مَنْ وجب عليه دَين فإن كان مؤجلًا، لم يطالب به، ولم يلازم به ".
(٣) أخرجه الدارقطني (٤٥٥٣)، وقال الزيلعي في "نصب الراية" (٤/ ١٦٦): "مرسل ".

<<  <  ج: ص:  >  >>