للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَلِأَنَّهَا كفَالَةٌ بِنَفْسٍ؛ فَأَشْبَهَتِ الكَفَالَةَ فِي الحُدُودِ. وَحُجَّةُ مَنْ أَجَازَهَا عُمُومُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "الزَّعِيمُ غَارِمٌ" (١)، وَتَعَلَّقُوا بِأَنَّ ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ، وَأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنِ الصَّدْرِ الأَوَّلِ).

وأيضًا استدلوا بقول الله تعالى في سورة يوسف: {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} [يوسف: ٦٦] إذًا، فهذه هي الكفالة بالنفس.

قَوْله: (وَأَمَّا الحُكْمُ اللَّازِمُ عَنْهَا: فَجُمْهُورُ القَائِلِينَ بِحَمَالَةِ النَّفْسِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ المُتَحَمَّلَ عَنْهُ إِذَا مَاتَ لَمْ يَلْزَمِ الكَفِيلَ بِالوَجْهِ شَيْءٌ (٢). وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ لُزُومُ ذَلِكَ).

جُمْهور القائلين هم أبو حنيفة والشافعي وأحمد على أساس القول عند الشافعي أنه يرى ذلك، وحُكِيَ عن بعضهم لزوم ذلك،


= ودليل بطلانها قوله تعالى: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} [يوسف: ٧٩]، فكان قوله: {مَعَاذَ اللَّهِ} إنكارًا للكفالة أن تجوز حين سأله إخوته أن يأخذ أحدهم كفيلًا ممَّن وجد متاعه عنده، ولأن ما لا يضمن باليد لا يضمن بالعقد، كالميتة والخمر، ولأنه عقد ضمان لا يستحق على الضامن المطالبة بمقتضاه، فوجب أن يكون باطلًا كضمان القصاص ".
(١) تقدم تخريجه.
(٢) يُنظر: "تبيين الحقائق"، للزيلعي (٤/ ١٤٨) حيث قال: " إذا مات المكفول به، فإن الكفالة تبطل ".
ويُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٧/ ٦٠) حيث قال: "وإذا مات الغريم برئ حميل الوجه؛ لأنَّ النَّفسَ المكفولة قَدْ ذَهَبت ".
ويُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٢/ ٢٤٤) حيث قال: " (فلو مات) المكفول به (أو تستر لم يلزمه) أي: الكفيل (المال)؛ لأنه لم يلتزمه، كما لو ضمن المسلم فيه فانقطع لا يطالب برأس المال ".
ويُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ١٣٢) حيث قال: " (أو مات) المكفول برئ كفيل لسقوط الحضور عنه بموته ".

<<  <  ج: ص:  >  >>