للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شرح الدليل: "مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع " (١).

المطل في اللغة (٢): له عدة معانٍ، منها المَد، وهو المراد، كأنه يمدد لصاحب الحق، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قيده بالغَنِي، فليس كل مطل يسمى ظلمًا.

والإنسان الذي ليس عنده شيء لا يسمى مماطلًا، ولكن الإنسان الغني هو الذي يسمى مماطلًا.

وقيل: المماطلة من المدافعة (٣).

قوله: "الغَنِي" (٤): ليس المقصود منه صاحب المال، لكنه الذي يحال عليه وعنده الحق الذي يستطيع به أن يسدده للمحال الذي يحيل عليه.

ففي هذا الحديث التشديد والتحذير من الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - على كل من عليه حق ألا يماطل فيه، وهذا ليس في الدين وحده، بل في الرجل مع نفقة زوجته، أو ملبس لها، أو أي شيء يمكن أن يماطل فيه، كمماطلة المملوك كذلك.

مسألة: لا يجوز للغني أن يماطل؛ فيؤخر الحق الذي عليه والعكس، ولا يكون مبررًا لمن عليه حق إذا كان المحال عليه غنيًّا يماطل به.


(١) سبق تخريجه.
(٢) قال الجوهري: "مَطَلْتُ الحديدَة أمْطلُها مَطْلًا إذا ضربتها ومَددتها لِتَطوَل. وكلُّ ممدودٍ "مَمْطولٌ، ومنه اشتقاق المَطْلِ بالدَيْنِ، وهو اللَّيَّانُ به. يقال: مَطَلَهُ وماطَلَهُ بحقِّهِ. والمُماطَلَةُ في المكافحة". انظر: "الصحاح" (٥/ ١٨١٩).
(٣) قال المناوي: "المطل: التسويف بوعد الوفاء مرة بعد أخرى، وقال أبو البقاء: التطويل والمدافعة مع القدرة على التعجيل. وقيل: المدافعة بالحق مع توجهه ". انظر: "التوقيف على مهمات التعاريف" (ص ٣٠٨).
(٤) قال الأزهري: "قال الليث: الغنى في المال مقصور، واستغنى الرجل: أصاب غنى، والغنية: اسم من الاستغناء عن الشيء" انظر: "تهذيب اللغة" و"الفروق اللغوية" للعسكري (ص ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>