للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فليس من الحق أن يقال: هذا إنسان مليء ليس له حاجة؛ لأن هذا ما أعطاه -سبحانه وتعالى-، وهو لا يطلب منك إلا حقًّا؛ إذًا، فعليك أن تسدده.

قوله: (لِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى غَنِيٍّ فَلْيَسْتَحِلْ ". وَالنَّظَرُ فِي شُرُوطِهَا وَفِي حُكْمِهَا).

أيْ: النظر في شروط الحوالة؛ لأنهم اشترطوا فيها تماثُل الحَقَّين في الجنس، والصِّفة، والحلول، والأجَل، وأن يكون أيضًا الدَّين مستقرًّا، وأن يكون بمال معلوم، وأن يكون برِضَا المحيل.

ورضا المحيل مجمع عليه من العلماء، لكن الخلاف في المحال والمحال عليه.

قوله: (فَمِنَ الشُّرُوطِ: اخْتِلَافُهُمْ فِي اعْتِبَارِ رِضَا الْمُحَالِ، وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ).

لم يتكلم عن المحيل؛ لأنه محل إجماع، وكان من المفترض أن يشير إليه بأنه مجمع عليه؛ لأنه لا يمكن لأحد أن يجبر على أن يحيل؛ لأنه حق له.

يبقى الخلاف في رضا المحال والمحال عليه هل هذا شرط أم لا؟

بعض العلماء يشترط هذا، أما أبو حنيفة (١) فيقول بأنه لا بد من رضا المحال والمحال عليه؛ لأن هذا سينتقل من شخص إلى آخر، وأنَّ حقه


(١) يُنظر: "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (٧/ ٢٣٩) حيث قال: " (وتصح الحوالة برضا المحيل والمحتال والمحتال عليه. أما المحتال فلأن الدين حقه وهو)، أي: الدين (الذي ينتقل بها)، أي: بالحوالة والذمم متفاوتة في حسن القضاء والمطل (فلا بد من رضاه) وإلا لزم الضرر بإلزامه إتباع من لا يوفيه (وأما المحتال عليه فلأنه) الذي (يلزمه الدين ولا لزوم إلا بالتزامه) ولو كان مديونًا للمحيل؛ لأن الناس يتفاوتون في الاقتضاء من بين سهل ميسر وصعب معسر".

<<  <  ج: ص:  >  >>