للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ذمة ذلك الإنسان؛ فلا يلزم بنقل مَا لهُ من حقوق إلى ذمة شخصٍ آخر؛ لأن حقه قد ثبت في ذمة ذلك الإنسان، وهذا يرجع إلى رضاه.

ومن العلماء من قال بعكس ذلك، وهم الحنابلة (١) فقالوا بعدم اعتبار رضا المحال ولا المحال عليه، بل الأمر هنا: "وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع" (٢)، إذن المحال هنا ملزم، ومثله المحال عليه؛ لأنه كيف يلزم الَّا يكون الطرف الآخر ملزمًا.

ومنهم من قال: إن رضا المحتال -أي: المحال- مطلوب، وأما المحال عليه فلا يشترط، وهم المالكية (٣)، والشافعية (٤).

ومنهم من عكس ذلك وهم أهل الظاهر (٥)، وكل خلاف العلماء يدور حول هذا الحديث.


(١) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ١٣٥) حيث قال: "وشرط الحوالة خمسة شروط أحدها (رضا محيل)؛ لأن الحق عليه فلا يلزمه أداؤه من جهة الدين على المحال عليه ".
(٢) سبق تخريجه.
(٣) يُنظر: "حاشية الصاوي" للخلوتي (٣/ ٤٢٤) حيث قال: "وصحتها، أي: شرط صحتها. (رضا الأولين): المحيل والمحال (فقط) دون المحال عليه. وإنما يشترط حضوره وإقراره على الأرجح ".
(٤) يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٢/ ٢٣٠) حيث قال: "وشروطها ثلاثة؛ الأول: رضا المحيل والمحتال؛ لأن للمحيل إيفاء الحق من حيث شاء فلا يلزم بجهة، وحق المحتال في ذمة المحيل فلا ينتقل إلا برضاه كما في بيع الأعيان ومعرفة رضاهما بالصيغة".
(٥) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٦/ ٣٩٤) حيث قال: "وقال أبو حنيفة: ومالك: لا يجبر المحال على قبول الحوالة … قال أبو محمد: هذه معارضة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي هذا ما فيه، فكيف والذي اعترضوا به فاسد؟ لأنه مطل من غني، أو حوالة على غير مليء، ومطل الغني ظلم، والحوالة على غير مليء لم يؤمر بأن يقبلها، وإنما الحوالة على من يعجل الإنصاف بفعله لا بقوله، وإلا فليست حوالة بنص الحديث، وإذا ثبت حق المحيل على المحال عليه بإقراره أو ببينة عدل، وإن كان جاحدًا فهي حوالة صحيحة. وقال مالك: لا تجوز إلا بإقراره بالحق فقط - … قلنا: وقد يرجع عن إقراره بذلك الحق، ويقيم بينة بأنه قد كان أداه، فيبطل الحق - ولا يجوز تخصيص ما لم يخصه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالآراء الفاسدة".

<<  <  ج: ص:  >  >>