للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو عجزه كالمريض؛ لأن هذا هو محل الرخصة، وإنما اختلفوا في توكيل الذكر الحاضر مع وجوده، وقد أبان المصنف -رحمه الله- عن سبب الخلاف بعدُ.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي وَكَالَةِ الحَاضِرِ الذَّكَرِ الصَّحِيحِ. فَقَالَ مَالِكٌ (١): "تَجُوزُ وَكَالَةُ الحَاضِرِ الصَّحِيحِ الذَّكَرِ"، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢): "لَا تَجُوزُ وَكَالَةُ الصَّحِيحِ الحَاضِرِ، وَلَا المَرْأَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ برزَة").

ثم لمَّا أبان عن المذاهب علل ذلك؛ فقال:

(فَمَنْ رَأَى أَنَّ الأصْلَ (٣) لَا يَنُوبُ فِعْلُ الغَيْرِ عَنْ فِعْلِ الغَيْرِ إِلَّا مَا دَعَتْ إِلَيْهِ الضَّرُورَةُ وَانْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَيْهِ قَالَ: لَا تَجُوزُ نِيَابَةُ مَنِ اخْتُلِفَ فِي نِيَابَتِهِ. وَمَنْ رَأَى أَنَّ الأَصْلَ هُوَ الجَوَازُ قَالَ: الوَكَالَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزَةٌ إِلَّا فِيمَا أَجْمَعَ عَلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ فِيهِ مِنَ العِبَادَاتِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا).

وخلاصة تعليله: أن من رأى أن الوكالة رخصة على خلاف الأصل جعل الأصل فيها المنع، فلم يُرخص في أيِّ صورة مما سبق، بينما من رأى أن الوكالة على وفق القياس رخَّص في جميع ذلك.

قوله: (الرُّكْنُ الثَّانِي: فِي الوَكِيلِ. وَشَرْطُ الوَكِيلِ أَنْ لَا يَكُونَ


(١) يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبد البر (٢/ ٧٨٧). حيث قال: "والوكالة في الخصومة جائزة من الحاضر والغائب برضى الخصم وبغير رضاه ".
(٢) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (٢/ ١٥٧). حيث قال: "ولا يجوز بالخصومة إلا برضاء الخصم، إلا أن يكون الموكل مريضًا أو مسافرًا".
وأما المرأة؛ فينظر: "البناية شرح الهداية" (٩/ ٢٢٥). حيث قال: "ولو كانت المرأة مخدرة لم تجر عادتها بالبروز وحضور مجلس الحكم قال الرازي -رحمه الله-: يلزم التوكيل؛ لأنها لو حضرت لا يمكنها أن تنطق بحقها لحيائها فيلزم توكيلها".
(٣) كذا في نسخة العبادي، وحلاق، وأما في نسخة الشيخ: محمد شاكر ففيها زيادة "أن"، وهي أليق بالمعنى، وأعون لاستقامة السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>