وَإلَى جَانب كون المَقْصود من الطَّهارة النَّظافة، ولكن أيضًا هي أمرٌ تعبديٌّ، ويحبها الله عز وجل، فإزالة النجاسة أنت مأمورٌ بها، وأنت عندما تزيلها فأنت ممتثلٌ لأمر الله سبحانه وتعالى، ثم لأَمْر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتكون قد نزلت عند أحكامهما، فأنت تكون ممتثلًا متعبدًا بذلك العمل.
إذًا، هذا أمرٌ مطلوبٌ، فَهي بالإضافة لكونها نظافةً، فهي أمرٌ تعبديٌّ بأن يرفعَ الإنسان عن نَفْسه تلك النَّجاسة؛ ليكون مُهيَّأً لِأنْ يصلِّي، ويقرأ القرآنَ، ويَطوف بالبيت … إلى غير ذلك.
مرَّ معنا قضية طهارة الحدث، معقولةً وغير معقولةٍ، خلَاف الحنفيَّة، فَهُمْ لا يشترطون فيها النيَّة؛ ولذَلكَ يَقُولُونَ: إنَّها معقولَة المَعْنى؛ لأنَّ إلى جانب كَوْنها عبادةً، فَهي فيها نظافةٌ أيضًا، فالإنسان عندما يغسل وجهه
(١) يُنظر: "المحلى"، لابن حزم (١/ ١٠٥)، وفيه قال: "وإزالة النجاسة وكل ما أمر الله تعالى بإزالته فهو فرضٌ. هذه المسألة تنقسم أقسامًا كثيرةً، يجمعها أن كل شيء أمر الله تعالى على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - باجتنابه أو جاء نص بتحريمه، أو أمر كذلك بغسله أو مسحه، فكل ذلك فرض يعصي مَنْ خالفه، لما ذكرنا قبل من أن طاعته تعالى وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فرض".