للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحل ساقطتها إلا لمنشد" (١) يدل على أنه لا يجوز للإنسان أن يأخذها إلا أن يعرِّفها، أو أنها أيضًا كاللقطة في غير الحرم؟

هذه المسألة فيها خلاف، وأكثر العلماء -مالك (٢)، وأبو حنيفة (٣)، وأحمد (٤) - يقولون هي كغيرها، أيْ: للإنسان أن يلتقطها ويعرِّفها، فإذا أدى ما عليه حينئذٍ تكون له، يتملكها إذا لم يجد صاحبها.

أما الإمام الشافعي (٥) فمنع مِن لقطة الحرم، وهي إحدى الروايات للإمام أحمد (٦)، فلماذا إلا لمنشد؟

قالوا: لأنَّ لقطة الحرم القصد منها الحس، التعريف، ومتابعة ذلك؛ لأن الناس يسافرون وربما كان الغالب أن هذه اللقطة ليست لأهل مكة، أما أن يمنع من ذلك فلا.


(١) "المنشد": المعرف للقطة. انظر: "غريب الحديث" لإبراهيم الحربي (٢/ ٥٠٨).
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ١٢١) حيث قال: " (وله حبسها بعده) أي: بعد تعريفها السنة، (أو التصدق بها) عن ربها أو نفسه (أو التملك) بأن ينوي تملكها، فللملتقط هذه الأمور الثلاثة (ولو) وجدت (بمكة) ".
(٣) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ١٣٥) حيث قال: "ولقطة الحل والحرم سواء".
(٤) وهو الصحيح من المذهب، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٣٨٢) حيث قال: " (لقطة الحرم) فتملك بالتعريف كلقطة الحل، ولأنها أمانة فلم يختلف حكمها بالحل والحرم كالوديعة".
(٥) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٦/ ٣٤٠) حيث قال: " (قلت: لا تحل لقطة الحرم) المكي (للتملك) ولا بلا قصد تملك (ولا حفظ على الصحيح) بل لا تحل إلا للحفظ أبدًا للخبر الصحيح "لا تحل لقطتها إلا لمنشد"".
(٦) يُنظر: "المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين" لأبي يعلى بن الفراء (٢/ ٩) حيث قال: "مسألة: هل تملك لقطة الحرم بعد التعريف والحول كما يملك غيرها؟ نقل أبو طالب والميموني والترمذي ومحمد بن داود وابن منصور: أنها تملك.
ونقل حرب عنه: اللقطة في الحرم ليس بمنزلة اللقطة في غير الحرم، لا تحل إلا لمنشد"، ينظر: "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" للمرداوي (١٦/ ٢٣٨) حيث قال: "وعنه، لا تملك لقطة الحرم بحال ".

<<  <  ج: ص:  >  >>