للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَمِنَهَا لِصَاحِبِهَا إِلَّا أَهْلَ الظَّاهِرِ (١). وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "فَشَأْنَكَ بِهَا" وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ. وَمِنَ الْحُجَّةِ لَهُمَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (٢) وَالتِّرْمِذِيُّ (٣) عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ قَالَ: لَقِيتُ أُوَيْسَ بْنَ كَعْبٍ فَقَالَ: وَجَدْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "عَرِّفْهَا حَوْلًا"، فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ ثَلَاثًا فَقَالَ: "احْفَظْ وِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا" وَخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ (٤) وَأَبُو دَاوُدَ (٥): "فَاسْتَنْفِقْهَا").

هذا النصُّ في "الصحيحين"، وعند الترمذي، وأبي داود، وهو حُجة للذين يرون أخذ اللقطة دون كراهة، وعرفنا فيما مضى قول الحنفية والشافعية؛ فاستنفقها ولا حرج.

قوله: (فَسَبَبُ الْخِلَافِ مُعَارَضَةُ ظَاهِرِ لَفْظِ حَدِيثِ اللُّقْطَةِ لِأَصْلِ الشَّرْعِ).

نعلم بأن الإنسان لا يأكل مال غيره، إلَّا أن تطيب به نفسه، فلا يجوز لإنسان أن يأخذ حق غيره فيأكله إلا برضاه، ما عدا الثمار، فإن الإنسان يأخذ مِن المتساقط، والشرط أن لا يكون الباب مغلقًا، ومرَّ بنا ذلك.


(١) مذهب أهل الظاهر أنه يضمن، ينظر: "المحلى" لابن حزم (٧/ ١١٠) حيث قال: "فهو عند تمام السنة مال من مال الواجد -غنيًّا كان أو فقيرًا يفعل فيه ما شاء، ويورث عنه، إلا أنه متى قدم من يقيم فيه بينة أو يصف شيئًا مما ذكرنا فيصدق ضمنه له -إن كان حيًّا، أو ضمنه له الورثة- إن كان الواجد له ميتًا".
(٢) حديث (٢٤٢٦).
(٣) حديث (١٣٧٤)، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (١٣٧٤).
(٤) حديث (١٣٧٢)، وقال: "حديث يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد حديث حسن صحيح ".
(٥) حديث (١٧٠٤)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (١٧٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>