للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ. فَمَنْ غَلَّبَ هَذَا الْأَصْلَ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ: "فَشَأْنَكَ بِهَا").

"لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه" (١)، فلا يجوز للإنسان أن يأخذ من حق أخيه المسلم إلا أن تطيب نفس صاحب الحق بذلك، لكن اللقطة لك، أو لأخيك، أو للذئب، ثم إن ذاك الذي يأخذ لقطة أخيه المسلم بغير طيب نفس منه؛ ليأكلها إنما يأخذها ليحفظها له، فإن وُجدت سيردها إليه، فإن تلفت أعطاه القيمة، وإن باعها أعطاه الثَّمَن، وإن كانت عنده سيردها إليه، إذًا هو لم يأكل مال أخيه المسلم في هذه الحالات؛ وهذا لا يعارض ما جاء في الأصول.

قوله: (قَالَ: لَا يَجُوزُ فِيهَا تَصَرُّفٌ إِلَّا بِالصَّدَقَةِ فَقَطْ عَلَى أَنْ يُضَمَّنَ إِنْ لَمْ يُجِزْ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ الصَّدَقَةَ، وَمَنْ غَلَّبَ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ وَرَأَى أَنَّهُ مُسْتَثْنًى عنْهُ، قَالَ: تَحِلُّ لَهُ بَعْدَ الْعَامِ وَهِيَ مَالٌ مِنْ مَالِهِ لَا يَضْمَنُهَا إِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا).

هذا الحديث مخصص لذاك العام ولا تعارض بينهما؛ لأن الحالة التي فيها يأخذ اللقطة لا يريد أن يأكل مال أخيه المسلم من غير أن تطيب نفسه، بل أخذ ذلك المال ليحفظه له إن جاء، فإن لم يأت؛ فإنه يجوز له أن يتملكه، ولا يحتاج بأن ينص على تملكه -كما يقول بعض الشافعية (٢) - فيَنوِي أن يتملكه.


(١) أخرجه أحمد (٢٠٦٩٥)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٤٥٩).
(٢) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٦/ ٣٣٧) حيث قال: " (إذا عرف) اللقطة بعد قصده تملكها (سنة لم يملكها حتى يختاره بلفظ) من ناطق صريح فيه (كتملكت) أو كناية مع النية (وقيل تكفي النية) أي تجديد قصد التملك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>