للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوديعة (١) لا تضمن؛ لأنها أمانة، فلو ضمن أصحاب الودائع دون أن يحصل تفريط أو إهمال منهم، ما أقبل الناس على تحمُّل الأمانات.

قوله: (وَاسْتَدَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ بِحَدِيثِ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَوِي عَدْلٍ عَلَيْهَا وَلَا يَكْتُمْ وَلَا يُعْنِتْ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ").

وهذا الحديث أخرجه أيضًا أصحاب السنن (٢)، وأحمد (٣)، وغيرهم (٤)، وهو صحيح، ولذلك قال الإمام أحمد رحمه الله باستحباب الإشهاد، لكنهم لا يرونه واجبًا (٥).

قوله: (وَتَحْصِيلُ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ أَنَّ وَاجِدَ اللُّقَطَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا يَخْلُو الْتِقَاطُهُ لَهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ (٦)، أَحَدُهَا: أَنْ يَأْخُذَهَا عَلَى جِهَةِ الِاغْتِيَالِ لَهَا).


= عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يومًا من الدهر فأدها إليه "، وسأله عن ضالة الإبل، فقال: "ما لك ولها، دعها، فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء، وتأكل الشجر، حتى يجدها ربها"، وسأله عن الشاة، فقال: "خذها، فإنما هي لك، أو لأخيك، أو للذئب ".
(١) "الوديعة": المال المتروك عند إنسان تستودعه إياه ليحفظَه. انظر"طلبة الطلبة" للنسفي (ص ٩٨) و"العين" للخليل الفراهيدي (٢/ ٢٢٤).
(٢) أخرجه أبو داود (١٧٠٩)، والنسائي في "الكبرى" (٥/ ٣٤٤)، وابن ماجه (٢٥٠٥)، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (١٧٥١).
(٣) حديث (١٨٣٤٣)، وقال الأرناؤوط: "إسناده صحيح على شرط مسلم ".
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١١/ ٢٢٢)، والطيالسي (٢/ ٤٠٨)، والبغوي في "الجعديات " (ص ١٩٢).
(٥) تقدم تخريجه قريبًا.
(٦) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٦/ ٧٧) حيث قال: "وقال في المقدمات: واجد اللقطة على ثلاثة أوجه، أحدها أن يأخذها ولا يريد التقاطها ولا اغتيالها، والثاني أن يأخذها ملتقطًا لها، والثالث أن يأخذها مغتالًا لها".

<<  <  ج: ص:  >  >>