للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَفِي وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ خِيفَةَ الِاسْتِرْقَاقِ خِلَافٌ) (١).

الإشهاد على التقاطه فيه خلاف، وأكثر العلماء لا يرون ذلك؛ لأن المقصود باللقطة حفظ المال فلا يحتاج إلى إشهاد.

مثال: إذا ذهبت لتشتري وتبيع، هل تحتاج أن يكون معك شخص ليشهد؟ لا يحتاج الأمر إلى ذلك؛ لأن المقصود حفظ المال، لكن هنا في اللقيط المقصود هو حفظ نسبه وحريته؛ فكان الأمر بالنسبة له آكد وأهم، ولذلك قال بعض العلماء بوجوب الإشهاد، وهما وجهان عند الحنابلة: وجه بوجوب الإشهاد (٢)، وآخر بعدمه، لكنه بلا شك آكد من اللقطة (٣).


(١) مذهب المالكية أن الأفضل الإشهاد، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٤/ ١٢٦). حيث قال: " (وينبغي) للملتقط (الإشهاد) عند الالتقاط على أنه التقطه، خوف طول الزمان فيدعي الولدية أو الاسترقاق ". وقد قيده الدسوقي في حاشيته بما إذا لم يطل الزمان؛ لاحتمال ادعاء الولدية أو الرق ".
وهو مذهب الحنابلة. يُنظر: "الإقناع" للحجاوي (٢/ ٤٠٥). حيث قال: "ويستحب للملتقط الإشهاد عليه ".
والأصح عند الشافعية وجوب الإشهاد، ولو كان الملتقط مشهور العدالة.
يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٤/ ٤٤٧). حيث قال: " (ويجب) (الإشهاد عليه) أي: الالتقاط وإن كان الملتقط مشهور العدالة".
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٦/ ١١٨). حيث قال: "والثاني: يجب؛ لأن القصد بالإشهاد حفظ النسب والحرية، فاختص بوجوب الشهادة، كالنكاح ".
ولم نجد للحنفية نصًّا في ذلك، والظاهر أنهم يرون الوجوب؛ فإنهم يوجبون الإشهاد في اللقطة، بل يُضمنون من لم يُشهد. يُنظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (٧/ ٣٢٥). حيث قال: "م: (وإن لم يشهد الشهود عليه) ش: أي عند الالتقاط. م: (وقال الآخذ: أخذته للمالك وكذبه المالك يضمن عند أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: لا يضمن) ".
وقد ذكر ابن رشد أن سبب الخلاف هو خلافهم في اللقطة، والحنفية قائلون بوجوب الإشهاد على اللقطة.
تنبيه: يُشكل على كلام ابن رشد أن المشهور عند الشافعية وجوب الإشهاد على اللقيط دون اللقطة، وقد يكون مأخذه صحيحًا، ويكون إيجابهم للإشهاد على اللقيط لخطره بالنسبة للقطة.
(٣) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٦/ ١١٨). حيث قال: "يجب لأن القصد بالإشهاد حفظ=

<<  <  ج: ص:  >  >>