للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الإمام ابن المنذر فقد حكى إجماع العلماء على أنه حر (١)؛ لأن الأصل في بني آدم وذريته أنهم أحرار؛ لأن الله سبحانه وتعالى خلق آدم وبَنِيه أحرارًا، والله تعالى يقول: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}، وهذا الرق إنما هو لأمر عارض، ويحصل نتيجة قتال الكفار، وإذا زال هذا العارض زال الرق تباعًا، والإسلام فتح أبوابًا كثيرة في إعتاق الرقيق كما عُرف ذلك ومَر بنا.

قوله: (وَقِيلَ إِنَّهُ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِمَنِ الْتَقَطَهُ).

وهذا قول القاضي شريح، وإسحاق بن راهويه (٢).

قوله: (وَقِيلَ إِنَّهُ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ).

وهذا رأي كافة العلماء، منهم الأئمة الأربعة.

أما قول من قال: بأنه حر وولاؤه لمن التقطه؛ فهذا معروف، أيْ: تكون له الولاية عليه أنه يرثه.

ومعنى قول جمهور العلماء بأنه حر وولاؤه للمسلمين عامة، أي: أنَّ ميراثه لبيت المال، هذا إن لم يكن له وارث.

مثال: لو قُدِّرَ أنه جمع مالًا ولم يتزوج، ولم يكن له أحد؛ فإنه في هذه الحال يكون ولاؤه للمسلمين عمومًا.

والتعبير عن المسلمين عمومًا عن بيت المال، أي: يُرَد الميراث إلى بيت المال.


= فهو حر، وإن كان أراد أن يسترقه، فذلك له. وذلك قول شذ فيه عن الخلفاء والعلماء، ولا يصح في النظر".
(١) يُنظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص ٧٦). حيث قال: "وأجمعوا أن اللقيط حر، وليس لمن التقطه أن يسترقه، وانفرد إسحاق، فقال: ولاء اللقيط للذي التقطه ".
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٦/ ١١٧). حيث قال: "وقال شريح، وإسحاق: عليه الولاء لملتقطه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>