للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَهُوَ القِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ التَّلَفِ وَدَعْوَى الرَّدِّ، وَيَبْعُدُ أَنْ تَنْتَقِضَ الأَمَانَةُ).

فَلَا يُضَمَّن إذا تلفت عنده بلا تفريطٍ (١)، وكذلك أيضًا هذه المسألة.

قوله: (وَهَذَا فِيمَنْ دَفَعَ الأَمَانَةَ إِلَى اليَدِ الَّتِي دَفَعَتْهَا إِلَيْهِ. وَأَمَّا مَنْ دَفَعَهَا إِلَى غَيْرِ اليَدِ الَّتِي دَفَعَتْهَا إِلَيْهِ، فَعَلَيْهِ مَا عَلَى وَلِيِّ اليَتِيمِ مِنَ الإِشْهَادِ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِلَّا ضُمِّنَ) (٢).

وبعض العلماء يقول باليمين وإلا ضُمِّن (٣).

قوله: (يُرِيدُ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦]).

آخر الآيات التي مرَّت بنا وهي قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ


(١) يُنظر: "الإشراف" لابن المنذر (٦/ ٣٣٠) قال: "وأجمع أكثر أهل العلم على أن المودع إذا أحرز الوديعة، ثم تلفت من غير جنايته، أن لا ضمان عليه ".
(٢) يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد الجد (٢/ ٤٦١) قال: وهذا فيمن دفع الأمانة إلى المِد التي دفعتها إليه، وأما من دفعها إلى غير اليد التي دفعت إليه، فعليه ما على ولي اليتيم من الإشهاد، قال الله عز وجل: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦]، فإن لم يشهد، فلا يصدق في الدفع -إذا أنكر القابض .... وإن أنكر القابض كانت دينًا أو صلة.
(٣) هو وجهٌ عند الشافعية.
ينظر: "روضة الطالبين" للنووي (٦/ ٣٤٥ - ٣٤٦) قال: "هل يجب على المودع الإشهاد عند الدفع إلى الوكيل؟ وجهان جاريان فيما لو دفع إليه مالاً ابتداء وأمره بإيداعه، أصحهما عند البغوي: يجب، كما لو أمره بقضاء دينه يلزمه الإشهاد، وأصحهما عند الغزالي: لا؛ لأن قول المودع مقبول في الرد والتلف، فلا يغني الإشهاد؛ لأن الودائع حقها الإخفاء، بخلاف قضاء الدين. فإذا قلنا: يجب، فالحكم كما ذكرناه في كتاب الوكالة: أنه إن دفع في غيبة الموكل من غير إشهاد، ضمن. وإن دفع بحضرته، لم يضمن على الأصح ".

<<  <  ج: ص:  >  >>