للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"المستودَع لا ضمان عليه "، عند البيهقي (١).

قوله: (وَادَّعَى التَّلَفَ، فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ المُسْتَوْدَعُ دَفَعَهَا إِلَى أَمَانَةٍ (وَهُوَ وَكِيلُ المُسْتَوْدَعِ) أَوْ إِلَى ذِمَّةٍ، فَإِنْ كَانَ القَابِضُ أَمِينًا، فَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ القَاسِمِ، فَقَالَ مَرَّةً: يُبَرَّأُ الدَّافِعُ بِتَصْدِيقِ القَابِضِ، وَتَكُونُ المُصِيبَةُ مِنَ الآمِرِ الوَكيل بالقَبْض، وَمَرَّةً قَالَ: لَا يُبَرَّأُ الدَّافِعُ إِلَّا بِإِقَامَةِ البَيِّنَةِ عَلَى الدَّفْعِ أَوْ يَأْتِي القَابِضُ بِالمَالِ، وَأَمَّا إِنْ دَفَعَ إِلَى ذِمَةٍ (٢).

يعني: الدفع إلى القابض مباشرةً، يدفعها الإنسان، وإلى ذمة إنسان يقبله أن يتسلَّفها.

قوله: (مِثْلَ أَنْ يَقُولَ رَجُلٌ لِلَّذِي عِنْدَهُ الوَدِيعَةُ: ادْفَعْهَا إِلَيَّ سَلَفًا، أَوْ تَسَلُّفًا فِي سِلْعَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ).

"سلفًا"، أي: يعطيه قصده قرضًا وتسلُّفًا في مقابل سلعة (٣)، لكن هل للأمين أن يتصرف في ذلك؟


(١) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٦/ ٤٧٣) ولفظه عن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من استودع وديعة فلا ضمان عليه ". وحسنه الألباني في "الصحيحة" (٢٣١٥).
(٢) يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد الجد (٢/ ٤٦٢) قال: "فإن أقر بالقبض وادعى التلف، فلا يخلو من أن يكون قبض إلى ذمة أو إلى أمانة، فإن كان قبض إلى أمانة، فاختلف في ذلك قول ابن القاسم. قال مرة: يبرأ الدافع بتصديق القابض، وتكون المصيبة من الآمر … وقال مرة: لا يبرأ الدافع إلا بإقامة البينة على الدفع، أو يأتي القابض بالمال ".
(٣) السلف في المعاملات له معنيان؛ أحدهما: القرض الذي لا منفعة، للمقرض فيه غير الأجر والشكر وعلى المقترض رده كما أخذه، والثاني: هو أن يعطي مالًا في سلعة إلى أجل معلوم بزيادة في السعر الموجود عند السلف، وذلك منفعة للمسلف. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٩/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>