للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فَإِنْ كَانَتِ الذِّمَّةُ قَائِمَةً، بَرِئَ الدَّافِعُ فِي المَذْهَبِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (١)، وَإِنْ كَانَتِ الذِّمَّةُ خَرِبَةً، فَقَوْلَانِ) (٢).

"خربةً"، أيْ: مات صاحبها وزالت، فلم يصبح موجودًا.

قوله: (وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ كلِّه أَنَّ الأَمَانَةَ تُقَوِّي دَعْوَى المُدَّعِي حَتَّى يَكُونَ القَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ).

يعني: جانب المودع أقوى دائمًا؛ لأنه محل ثِقَةٍ.

قوله: (فَمَنْ شَبَّهَ أَمَانَةَ الَّذِي أَمَرَهُ المُودِعُ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَيْهِ (أَعْنِي: الوَكِيلَ) بِأَمَانَةِ المُودِعِ عِنْدَهُ).

وَهذه صورةٌ أخرى، أي: أن نفس الذي أودع المبلغ يقول للمودع عنده: ادفعها لفلانٍ، أي: لوكيله في القبض، فهل هذا الذي يُدْفَعُ له المال يُنزَّل منزلة المستودع عنده في الأمانة أو لَا؟ هذه الصورة التي يريد المؤلف أن يتكلم عنها، وهي مسألة أخرى، كأن يقول له: ادفع هذا المال الذي عندك أمانة لفلان، فيدفعها له، فهل هذا الذي يُدفَع له المال (الرجل الثاني) ذمَّته بمثابة ذمة المستودع عنده أو أنها أضعف؟

قوله: (قَالَ: يَكُونُ القَوْلُ قَوْلَهُ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ، كَدَعْوَى المُسْتَوْدَعِ عِنْدَهُ)، كَمَنْ وضع عند رجلٍ أمانة وقال له: قَبِّضها فلانًا، ثم


(١) يُنظر: "الشرح الصغير وحاشية الصاوي" للدردير (٣/ ٥٥٦) قال: "وبرئ متسلف الوديعة وكذا تاجر فيها بلا إذن إن رد المثلي لمحله الذي أخذه منه سواء كان المثلي نقدًا أو غيره، وسواء كان السلف له مكروهًا كالملي أو محرمًا كالمعدم، فإن تلف بعد رده فلا ضمان عليه. بخلاف المقوم فلا يبرأ بذلك؛ لأنه بتصرفه فيه وفواته لزمته قيمته لربه ".
(٢) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب الرعيني (٥/ ٢٦٢) قال: "وأما إن كانت الذمة خربة فاختلف في ذلك قيل إن الدافع يبرأ بتصديق القابض، وهي رواية عيسى عن ابن القاسم، وقيل إنه لا يبرأ من تصديقه إياه لخراب ذمته ".

<<  <  ج: ص:  >  >>