للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ قال بالضمان، فكلامُهُ غير صحيحٍ، يعني: لو أن إنسانًا جاء بأمانة، وقال: يا فلان، ضَعْها عندك بشرطَ أن تضمنها إن تلفت، فلا ضمان عليه حتى لو وافق على هذا الشرط؛ لأن هذا يعتبر من باب التعسف، واستعمال الحق في غير ما شُرِعَ له.

قوله: (وَقَالَ الغَيْرُ: يُضَمَّنُ)، يعني: سيلخص ما مضى سابقًا.

قوله: (وَبِالجُمْلَةِ، فَالفُقَهَاءُ يَرَوْنَ بِأَجْمَعِهِمْ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الوَدِيعَةِ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى، وَيَخْتَلِفُونَ فِي أَشْيَاءَ، هَلْ هِيَ تَعَدِّ أَمْ لَيْسَ بِتَعَدٍّ؟ فَمِنْ مَسَائِلِهِمُ المَشْهُورَةِ فِي هَذَا البَاب إِذَا أَنْفَقَ الوَدِيعَةَ، ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا، أَوْ أَخْرَجَهَا لِنَفَقَتِهِ ثُمَّ رَدَّهَا، فَقَالَ مَالِكٌ: "يَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَان بِحَالَةٍ مِثْلِ إِذَا رَدَّهَا" (١)).

يعني: أخذ الوديعة ثم أنفقها على بيته، أو أعطاها أحدًا ثم ردَّها ووضعها في مكانها الذي كانت فيه.

قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: "إِنْ رَدَّهَا بِعَيْنِهَا قَبْلَ أَنْ يُنْفِقَهَا لَمْ يُضَمَّنْ).


= الأمانات فشرط ضمانها يخرجها عن حقيقتها ويخالف ما يوجبه الحكم ".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ١٢٩) قال: "فلو أودعه بشرط أن تكون مضمونة عليه أو أنه إذا تعدى فيها لا ضمان عليه لم يصح فيهما".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٤/ ١٦٨) قال: "وإن شرط رب الوديعة عليه أي: الوديع ضمانها أي: الوديعة لم يصحَّ الشرط، ولا يضمنها الوديع؛ لأنه شرط ينافي مقتضى العقد، فلم يصحَّ، وتقدم، أو قال الوديع: أنا ضامن لها، أي: الوديعة لم يضمن ما تلف بغير تعد، أو تفريط؛ لأن ضمان الأمانات غير صحيح ".
(١) يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبد البر (٢/ ٨٠٣) قال: "ومن تعدَّى في وديعة عنده فاستهلكها ثم ردها مكانها فإن كانت دنانير أو دراهم أو طعامًا أو نحو ذلك يكون مما يكال أو يوزن وضاعت فلا شيء عليه، وكذلك أن أخذ البعض وأبقى البعض وتلف فلا ضمان عليه لا فيما رد ولا فيما بقي ".

<<  <  ج: ص:  >  >>