للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِالجُمْلَةِ فَعِنْدَ الجَمِيعِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْفَظَهَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النَّاسِ أَنْ تُحْفَظَ أَمْوَالُهُمْ، فَمَا كَانَ بَيِّنًا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ حِفْظٌ اتُّفِقَ عَلَيْهِ، وَمَا كَانَ غَيْرَ بَيِّنٍ أَنَّهُ حِفْظٌ اخْتُلِفَ فِيهِ، مِثْلَ اخْتِلَافِهِمْ فِي المَذْهَبِ فِيمَنْ جَعَلَ وَدِيعَةً فِي جَيْبِهِ فَذَهَبَتْ، وَالأَشْهَرُ أَنَّهُ يُضَمَّنُ) (١).

"وَالأَشْهَرُ أَنَّهُ يُضَمَّنُ "؛ لأنه ما وضعها في حرزٍ.

قوله: (وَعِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ مَنْ أُودِعَ وَدِيعَةً فِي المَسْجِدِ، فَجَعَلَهَا عَلَى نَعْلِهِ فَذَهَبَتْ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) (٢).


(١) مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدرير (٣/ ٤٢٣) قال: "أو أمر بربط لها بكم فأخذها باليد فلا ضمان إن غصبت، أو سقطت؛ لأن اليد أحرز إلا أن يكون قصد إخفاءها عن عين الغاصب كجيبه، أي: كوضعها به إذا أمره بربطها بكم فضاعت بغصب ونحوه فلا ضمان على المختار، اللهم إلا أن يكون شأن السراق قصد الجيوب … لا يضمن إن نسيها في كمه حيث أمره بوضعها فيه فوقعت منه، ولا إن شرط عليه الضمان فيما لا ضمان فيه لما فيه من إخراجها عن حقيقتها الشرعية".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ١٣٦) قال: "ولو قال له: اربط الدراهم … في كمك أي: شدها فيه، وجمعه أكمام فأمسكها في يده فتلفت فالمذهب أنها إن ضاعت بنوم ونسيان أي أو نسيان … ضمن لحصول التلف من جهة المخالفة؛ لأنها لو كانت مربوطة لم تضع بهذا السبب، أو تلفت بأخذ غاصب لها من يده فلا يضمن؛ لأن اليد أمنع للغصب حينئذ، والطريق الثاني إطلاق قولين، والطريق الثالث: إن اقتصر على الإمساك ضمن ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٣٥٤) قال: "وإن قال رب وديعة لوديع اتركها في جيبك فتركها في يده أو في كمه ضمن؛ لأن الجيب أحرز؛ لأنه قد ينسى فيسقط الشيء من يده أو كمه، أو قال له: اتركها في كمك فتركها في يده أو عكسه بأن قال له: اتركها في يدك فتركها في كمه ضمن؛ لأن سقوط الشيء من اليد مع النسيان أكثر من سقوطه من الكم وتسلط الطرار بالبط على الكم بخلاف اليد فكل منهما أدنى من الآخر حفظًا من وجه ".
(٢) يُنظر: "النوادر والزيادات" لابن أبي زيد (١٠/ ٤٢٩) قال: "من العتبية: روى أصبغ عن ابن وهب فيمن استودع وديعة في المسجد أو في المجلس فجعلها على نعليه فذهبت، قال: لا ضمان عليه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>