للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه يرى أن النعل أمامه ويشاهده، فلم يعرضها للخطر بذلك، أمَّا إنْ كان النعل في مؤخرة المسجد وهو في مكانٍ آخر فقد عرَّضها للخطر بذلك، فالقصد في قول ابن وهب إنْ كان يرى ذلك.

قوله: (وُيخْتَلَفُ فِي المَذْهَبِ فِي ضَمَانِهَا بِالنِّسْيَانِ، مِثْلَ أَنْ يَنْسَاهَا فِي مَؤضِعٍ أَوْ يَنْسَى مَنْ دَفَعَهَا إِلَيْهِ (١)، أَوْ يَدَّعِيهَا رَجُلَانِ، فَقِيلَ: يَحْلِفَانِ وَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: إِنَّهُ يُضَمَّنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (٢). وَإِذَا أَرَادَ


(١) يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (٣/ ٤٢٣) قال: "وضمن بنسيانها في موضع إيداعها، وأولى في غيره وبدخوله الحمام بها فضاعت وبخروجه بها من منزله يظنها له فتلفت؛ لأنه جناية، والعمد، والخطأ في أموال الناس سواء. لا يضمن إن نسيها في كمِّه حيث أمره بوضعها فيه فوقعت منه، ولا إن شرط عليه الضمان فيما لا ضمان فيه لما فيه من إخراجها عن حقيقتها الشرعية".
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" للحصكفي (٥/ ٦٧٢) قال: "فإن أودع رجل عند رجلين ما يقسم اقتسماه وحفظ كل نصفه كمرتهنين ومستبضعين ووصيين وعدلي رهن ووكيلي شراء ولو دفعه أحدهما إلى صاحبه ضمن الدافع بخلاف ما لا يقسم لجواز حفظ أحدهما بإذن الآخر".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (٣/ ٤٣٢) قال: "وإن، أودع اثنين وغاب وتنازعَا فيمن تكون عنده جعلت بيد الأعدل، والضمان عليه وحده إن فرط فإن كان ربها حاضرًا فالكلام له فإن تساويا في العدالة قسمت بينهما إن قبلت القسم، وإلا فالقرعة".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المطلب" للجويني (١١/ ٤٢٨) قال: "إذا ادعى رجلان وديعة، فقال المودع: لا أدري لأيكما هو، وقد علمت أنه لأحدكما. فإن لم يدعيا علمه، فلا كلام لهما معه؛ فإنه ليس متعديًا باتفاقهما، ونسيانه لا يلحقه بالمتعدين وفاقا، فليحط الناظر بذلك، فهو قاعدة الفصل، فإذا لم يكن ضامنًا، ولم يدع عليه علم، انقطعت الطلبة عنه. هذا ما ذكره الأصحاب".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٣٦٠) قال: "وإن ادعاها، أي: الوديعة اثنان فأقر الوديع لأحدهما بها فهي له، أي: للمقر له بيمينه؛ لأن اليد كانت للمودع. وقد نقلها إلى المدعي، فصارت اليد له. فقبل قوله بيمينه … ويحلف المودع للآخر الذي أنكره؛ لأنه منكر لدعواه وتكون يمينه على نفي العلم … فإن حلف انقطعت خصومته معه، وإلا غرم له بدلها؛ لأنه فوتها عليه … وإن أقر بها لهما فهي لهما كما لو كانت بأيديهما وتداعياها ويحلف لكل منهما يمينا على نصفها".

<<  <  ج: ص:  >  >>