للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّفَرَ فَلَهُ عِنْد مَالِكٍ أَنْ يُودِعَهَا عِنْدَ ثِقَةٍ مِنْ أَهْلِ البَلَدِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ قَدَرَ عَلَى دَفْعِهَا إِلَى الحَاكِمِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ (١)).

يعني: بأَنْ طرَأ عذرٌ من الأعذار منع أو حال بينه وبين بقاء هذه الأمانة عنده؛ كمَنْ أراد السفر أو حُرِقَ بيته، أو انهدم منزله، أو تخرب المكان الذي هي فيه، أو غرق المكان الذي يعيش فيه .. إلى غير ذلك من الأسباب الكثيرة، فبعض العلماء يُفصِّل القول في ذلك فيقول: يجب عليه في هذه الحالة أن يردها إلى صاحبها (صاحب الوديعة) إن كان موجودًا معه في نفس البلد فيردها إليه، وبذلك تبرأ ذمته، وَإنْ لم يكن موجودًا، فإنه يُسَلِّمها للشخص الذي أمره بقبضها، (أيْ: لوَكيله)، فإن لم يكن موجودًا، فيدفعها إلى الحاكم؛ لأنَّ الحاكمَ هو الذي له الولاية والسلطان بعد ذلك، فهو وليُّ مَنْ لا وليَّ له.

فَإِنْ لم يتمكَّن من الذهاب إلى الحاكم، فحِينَئذٍ يضعها عند ثقةٍ، وهذا -كما هو معلومٌ- مذهب الشافعية (٢) والحنابلة (٣).


(١) يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (٣/ ٤٢٣) قال: "ولا ضمان عليه وإن بسفر، أي: يضمن بإيداعها ولو في حال سفره، وقد أخذها في السفر قال فيها إن أودعت لمسافر مالًا فأودعه في سفره ضمن انتهى، وإنما بالغ على السفر؛ لئلا يتوهم أنه لما قبلها فيه كان مظنة الإذن في الإيداع ".
(٢) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ١٣٠) قال: "وإذا أراد الوديع سفرًا ولو قصيرًا وقد أخذ الوديعة حضرًا فليردها إلى المالك أو وكيله مطلقًا أو وكيله في استرداد هذه خاصة ليخرج من العهدة، فإن دفع لغيره ضمن في الأجنبي قطعًا، وفي القاضي على الأصح؛ لأنه لا ولاية للحاكم عليه ".
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٣٥٥) قال: "ومن أراد سفرًا وبيده وديعة … بل خاف عليها عنده من نهب أو غرق ونحوهما ردها إلى مالكها أو إلى من يحفظ ماله، أي: مال مالكها عادة كزوجته وعبده، أو إلى وكيله أي: وكيل مالكها في قبضها إن كان؛ لأن فيه تخلصًا له من دركها وإيصالًا للحق إلى مستحقه، فإن دفعها إلى حاكم إذن ضمن؛ لأنه لا ولاية له على رشيد حاضر".

<<  <  ج: ص:  >  >>