للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا، هذا الذي ذكره المؤلف هو مذهب المالكية، أما أكثر الفقهاء فيردها إلى صاحبها أولًا، فإن لم يجده، ردَّها إلى وكيله، فإن لم يجده، سلمها إلى الحاكم، فإن لم يستطع وضعها عند ثِقَةٍ.

وبَعْضهم يرى أن له أن يضعها عند ثقة وإنْ لم يرجع إلى الحاكم؛ لأنه ربما يُفضِّل صاحبها أن تكون عند شخص موثوق به.

قوله: (وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنْ أَوْدَعَهَا لِغَيْرِ الحَاكِمِ ضُمِّنَ (١). وَقَبُولُ الوَدِيعَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا يَجِبُ فِي حَالٍ (٢)، وَمِنَ العُلَمَاءِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ وَاجِبٌ إِذَا لَمْ يجِدِ المُودِعُ مَنْ يُودِعُهَا


(١) يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (٦/ ٣٢٩) قال: "ولو سافر بها لعذر، بأن جلا أهل البلد، أو وقع حريق، أو غارة، فلا ضمان بشرط أن يعجز عن ردها إلى المالك ووكيله والحاكم وعن إيداع أمين، ويلزمه السفر بها في هذه الحالة، وإلا فهو مضيع. ولو عزم على السفر في وقت السلامة، وعجز عن المالك ووكيله، والحاكم، والأمين، فسافر بها، لم يضمن على الأصح عند الجمهور".
(٢) الحنفية والمالكية والحنابلة يروا عدم الاشتراط:
فمذهب الحنفية، ينظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٧/ ٢٧٣) قال: "وركنها الإيجاب قولًا صريحًا أو كناية أو فعلا والقبول من المودع صريحًا أو دلالة في حق وجوب الحفظ، وإنما قلنا صريحًا أو كناية ليشمل ما لو قال الرجل: أعطني ألف درهم، أو قال لرجل في يده ثوب: أعطنيه، فقال: أعطيتك فهذا على الوديعة نص عليه في المحيط؛ لأن الإعطاء يحتمل الهبة والوديعة الوديعة أدنى وهو متيقن فصار كناية".
ومذهب المالكية، يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٦/ ١٠٨ - ١٠٩) قال: "القصد إخبار الأمين بحالها لا حفظها ويؤخذ من تعريفها بالمعنى المصدري تعريفها بالمعنى الاسمي؛ لأنه إذا كان الإيداع توكيلًا على مجرد حفظ مال علم منه أن الوديعة مال وكل على حفظه، أي: على مجرد حفظه ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٤/ ١٦٧) قال: "وقبولها، أي: الوديعة مستحب لمن يعلم من نفسه الأمانة، أي: أنه ثقة قادر على حفظها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه "، قال في "المبدع": "ويكره لغيره إلا برضا ربها" انتهى. قلت: ولعل المراد إعلامه بذلك إن كان لا يعلمه لئلا يغره ".

<<  <  ج: ص:  >  >>