للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَهُ (١)).

يرى العلماء كافة أنَّ قبول الوديعة ليس واجبًا؛ لأن هذا من أعمال البر والخير، وتفضُّل من الإنسان، فلذلك لا تجب عليه، لكن قول الإمام مالك يُعْنى بالمصالح، فمَنْ معه أمانة يعلم أنها ستضيع من بين يديه، فَعَليه أن ينظر للمصلحة، فيعطيها لغيره حفاظًا عليها؛ لأنه قد يذهب بها إلى مكانٍ يغلب على ظنه أن تتلف فيه، فيرى في هذه الحالة وجوب إعطائها لشخص أمين كي يحفظها حتى تُردَّ لصاحبها.

وبَقُولُ الجمهور: كيف يجب على الإنسان أمرٌ لم تُوجبه الشريعة، فهذا من باب التعاون ليس إلا.

قوله: (وَلَا أَجْرَ لِلْمُودَعِ عِنْدَهُ عَلَى حِفْظِ الوَدِيعَةِ) (٢).

أي: لا يأخذ أجرًا، ولا يسأل عليها أجرًا، وليس القصد ألا يؤجر الثواب من الله سبحانه وتعالى، فإنه سبحانه يجازي كل إنسان على أيِّ عملٍ حتى الكلمة الطيبة، حتى تبسُّمك في وجه أخيك المسلم (٣)، أو التصدق بتمرة واحدة أو بنصف تمرة (٤)، فما من عملٍ -ولو يراه الإنسان بسيطًا-


(١) وهو قول الشافعية: ينظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٧/ ١٠١) قال: "صيغة المودع بلفظ أو إشارة أخرس مفهمة صريحة كانت كاستودعتك هذا أو استحفظتكه أو أنبتك في حفظه أو أودعتكه أو أستودعه أو أستحفظه أو كناية كخذه وككناية مع النية".
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (٣/ ٤٣١ - ٤٣٢) قال: "ولا أجرة حفظها؛ لأن حفظها نوع من الجاه، وهو لا يؤخذ عليه أجرة كالقرض، والضمان إن لم يشترطها، أو يجر بها عرف، بخلاف محلها فله أجرته إن كان مثله يأخذ".
(٣) معنى حديث أخرجه الترمذي (١٩٥٦) وغيره عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدفة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة". وصححه الألباني في "الصحيحة" (٥٧٢).
(٤) معنى حديث أخرجه البخاري (١٤١٠)، ومسلم (٦٤/ ١٠١٤) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -،=

<<  <  ج: ص:  >  >>