للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَيْتَةَ البَحْرِ فَقَطْ).

وهُمُ الشَّافعيَّة، لكن لَيْس الكلَام على إطلاقه في مذهب الشافعيَّة، وقلنا من قبل: إننا لسنا في هذا المقام، ولَمْ يكن مقصودنا أن ندخل فنتتبع الجزئيات في المذاهب، وندقق فيها، ولو سلكنا ذلك؛ لما استطعنا أن نأخذ من الكتاب اليسير، أو احتجنا في كل الكتاب أكثر من عشر سنوات لندرسه.

قوله: (وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَثْنَى مَيْتَةَ مَا لَا دَمَ لَهُ فَقَطْ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذِهِ المُسْتَثْنَيَاتِ هُوَ سَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الدَّلِيلِ المَخْصُوصِ، أَمَّا مَنِ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَا دَمَ لَهُ، فَحُجَّتُهُ مَفْهُومُ الأَثَرِ الثَّابِتِ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- مِنْ أَمْرِهِ بِمَقْلِ الذُّبَابِ إِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ).

أيْ: "إذَا وقَع الذُّباب في إناء أحدكم فليغمسه، فإنَّ في أحد جناحيه داءً، وفي الآخر دواء" (١)، وهذا تكلم عنه الأطباء هنالك، وأذكر أنني قرأت منذ مدة طويلة أنه في الحرب العالمية الثانية بقي بعض الجرحى على حياته، وبعضهم كان أكثر من غيره، وقالوا عن الذي وقع عليه الذباب وقف وشُفِيَ بخلاف غيره؛ وهذا ذَكَره الأطباء، والله أعلم.

وقال بعض العلماء والفقهاء: إنَّ الإنسان إذا بدأ بغمس جناح الذبابة الذي فيه الداء فإذا غمس الجناح الآخر حِينَئذٍ يأتي الجناح الذي فيه الدواء فيلتقيان؛ فيقوم هذا، ويقوم هذا؛ فلما أراد جناح أنْ يلزم الآخر، ألزمه جناح الدواء؛ فلَا بُد على الإنسان أن يشربه ولا يتأفف؛ لأنها سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) أخرجه البخاري (٥٧٨٢) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا وقَع الذباب في إناء أحدكم فَلْيغمسه كله، ثم ليطرحه، فإن في أحد جناحيه: شفاءً، وفي الآخر: داء".

<<  <  ج: ص:  >  >>