للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثال: أحيانًا يذهب النوم عن عينيك؛ لأنك تخاف، أو أن الإنسان ربما لا يهتم بحقه كما يهتم بحق الآخرين، أو أن الإنسان في بيته مال يحرص عليه لكن لو كان عند حق غيره فإنه يحرص عليه أكثر مما يحرص على نفسه.

إذًا، العارية تختلف تمامًا عن الوديعة؛ لأنها حق خالص لك، أعطيته آخر للانتفاع به، أما الوديعة أعطيتها غيرك ليحفظها لك، والنفع يعود لك، وهو لا يأخذ عليها أجرًا.

قوله: (وَاتَّفَقُوا فِي الْإِجَارَةِ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ (أَعْنِي: الشَّافِعِيَّ (١) وَأَبَا حَنِيفَةَ (٢) وَمَالِكًا) (٣)).

"الإجارة": إذا استأجر إنسان شيئًا فحصل فيه تلف أو عيب دون تفريط؛ فهو لا يضمنه، كالدار التي يستعيرها الإنسان، ثم يحصل فيها عيب، ولا يكون للمستأجر أي أثر في ذلك، ولا يكون له دخل في ذلك، كأن يستأجر دارًا تنزل عليها أمطار كبيوت الطين، فحصل عيب، فلا يقال بأن هذا فرط أو عيب جَدَّ وأنت موجود في الدار.


(١) يُنظر: "نهاية المحتاج" لشمس الدين الرملي (٥/ ٣٠٩ - ٣١٠). حيث قال: " (ولو) (ربط دابة اكتراها لحمل أو ركوب) مثلًا (ولم ينتفع بها) وتلفت في المدة وبعدها (لم يضمنها) لأن يده يد أمانة".
(٢) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي و"حاشية ابن عابدين" (٦/ ٧٢). حيث قال: " (استأجر حمارًا فضل عن الطريق، إن علم أنه لا يجده بعد الطلب لا يضمن، كذا راع ند من قطيعه شاة فخاف على الباقي) الهلاك".
(٣) يُنظر: "منح الجليل" لعليش (٨/ ١٧). حيث قال: "من اكترى دابة ليركبها فحمل عليها مكانه مثله في الخفة والأمانة فلا يضمنها وإن أكراها ممن هو أثقل منه أو من غير مأمون ضمن".
وهو مذهب الحنابلة أيضًا. يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٤/ ١٥). حيث قال: " (ولا يضمنها مستعير منه) أي المستأجر (إن تلفت من غير تفريط)؛ لأنه قام مقام المستأجر في الاستيفاء، فكان حكمه كالمستأجر في عدم الضمان لأن يده كيده".

<<  <  ج: ص:  >  >>