للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استعار أرضًا، ثم غرس فيها، أو بنَى أو زرع، إن كان هناك زرع فينتظر حتى يحصده، لكن ربما يغرس فيها شجرًا أو نخلًا، وربما يبني عليها بناءً أو عدة أبنية، فالحكم هنا، هل يقال له: اقلع غرسك، أو انقض ما بنَيْتَه؟ أو عليه أن يتولى ذلك صاحب الإعارة، أو يشتريها؟

هذه مسألة فيها خلاف مشهور بين العلماء، وهي شبيهة بالغَصب.

• قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ: الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمُسْتَعِيرَ بِقَلْعِ غِرَاستِهِ وَبِنَائِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا إِذَا كَانَ مِمَّا لَهُ قِيمَة بَعْدَ الْقَلْعِ (١)، وَسَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ الْمَحْدُودَةُ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالْعُرْفِ أَوِ الْعَادَةِ (٢)).

كأنْ يَقُول العرف والعادة؛ لأن العرف هو العادة، وإن كان هناك نوع من التفريق لكن المراد هنا هو شيء واحد - كما هو معلوم -، فالعرف أو العادة اعتبرت في كثير من الأحكام، وقد كان الأئمة - رحمهم الله تعالى - يلجؤون إلى النساء فيما يتعلق بأحكام الحيض والنفاس كما مر بنا في بعض المسائل في الصناعة.


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٣/ ٤٣٩). حيث قال: " (وإن انقضت مدة البناء، والغرس) المشترطة، أو المعتادة (فكالغاصب) لأرض بنى بها، أو غرس فالخيار للمعير بين أمره بهدمه وقلع شجره وتسوية الأرض كما كانت وبين دفع قيمته منقوضًا بعد إسقاط أجرة من يهدمه ويسوي الأرض إذا كان المستعير لا يتولى ذلك بنفسه، أو خدمه، وإلَّا لم يعتبر إسقاط ما ذكر ويدفع له قيمته منقوضًا بتمامها".
وقريب منه مذهب أبي حنيفة. يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٥/ ٦٨١). حيث قال: " (ولو أعار أرضًا للبناء والغرس صح) للعلم بالمنفعة (وله أن يرجع متى شاء)؛ لما تقرر أنها غير لازمة (ويكلفه قلعهما إلا إذا كان فيه مضرة بالأرض فيتركان بالقيمة مقلوعين) ".
(٢) يُنظر: "مختصر خليل" (ص ١٨٩). حيث قال: "ولزمت المقيدة بعمل أو أجل لانقضائه وإلا فالمعتاد".

<<  <  ج: ص:  >  >>