للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذًا، ليس الإكراه على بابه، ولا على إطلاقه، كما أن حالات المكره أيضًا تختلف، والله -سبحانه وتعالى- قد جعل عذرًا للناسي، والجاهل، والمكره، لكن المسألة فيها تفصيل.

• قوله: (فَالْأَشْهَرُ أَنَّ الْأَمْوَالَ تُضَمَّنُ عَمْدًا وَخَطَأً، وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَسَائِلَ جُزْئِيَّةٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ).

نعم، الأصل في الأموال أنها تضمن عمدًا وسهوًا.

مثال: لو أن إنسانًا أشعل كبريتًا بجوار مال في مكان فاشتعل، فهو ما قصد أن يحرق المال، لكنه تسبب فيه؛ فهنا يضمن.

قوله: (وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا؟).

هذا ما أشرنا إليه في المكره.

فبعض العلماء لم يفرقوا بينهم، بل يقولوا: المكره ليس له أن يفعل ذلك، وبعض العلماء يفصل؛ وهو أولى؛ لأن الإكراه أنواع، فمجرد أن يأتي إنسان فيهدد شخصا إما أن يفعل كذا وإلَّا ضربه؛ فهنا لا ينبغي أن التعدي على حق مسلم، لكن لو وضع السيف على رقبته، وغلب على ظنه أنه يريد أن ينفذ؛ حينئذٍ يفعل ما يجوز، ويترك ما لا يجوز.

مثال: قال إنسان: اقتل هذا وإلَّا قتلتك.

هنا ليس لك أن تقتله؛ لأن هذا دم مسلم، وأيضًا إن قتلك فستنال جزاء ذلك من الله -سبحانه وتعالى- فإنَّ المقتول يأتي يوم القيامة ورأسه بيده، فيقول: "يا رب، سل هذا فيم قتلني" (١)، لكن لا يمكن أن تدفع عن نفسك القتل فتقتل غيرك، ولا أن تدفع عن نفسك الأذى فتشهد شهادة زور فتذهب بها نفس مؤمن، فالمسألة هنا فيها تفصيل.


= أن يفعل من قبل أن القذف الواقع على وجه الإكراه لا يؤثر في المقذوف ولا يلحقه به شيء". وفيها خلاف، يأتي مفصلًا في بابه.
(١) أخرجه ابن ماجه (٢٦٢١)، وغيره، وصححه الألباني في "صحيح النسائي" (٤٨٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>