للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن لم يُشرْ إلى الأقوال الأخرى (١).

• قوله: (وَأَمَّا إِنْ كَانَ النَّقْصُ بِجِنَايَةِ الْغَاصِبِ، فَالْمَغْصُوبُ مُخَيَّرٌ فِي الْمَذْهَبِ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ أَوْ يَأْخُذَهُ).

المؤلف -رحمه الله - خرج هنا عن قاعدته المعروفة، فقد كان يجمل الآراء ولا يدخل في التفصيلات في المذهب، لكنه بدأ منذ مدة بالتوغَّل والتفصيل في مذهب الإمام مالك، ويُغفل كثيرًا المذاهب الأخرى، فلم يُشر في هذه المسألة إلى مذاهب الأئمة (أبي حنيفة والشافعي وأحمد)، والشافعيُّ وأحمد يلتقيان في هذه المسألة، وأبو حنيفة يُوافقهم في جانب ويخالفهم في جانب آخر.

وهذا النقص الذي حصل لا يخلو عند الشافعية والحنابلة فإما أن يكون عيبًا مستقرًّا، أي: النقص نقصًا مستقرًّا ثابتًا لا يزيدُ، وإما أن يكون غير مستقرٍّ.

فإن كان مستقرًّا، كثوب تخرق، أو إناء تكسر، أو طعام تسوس، فهذا عند الإمامين الشافعي (٢)، وأحمد (٣) يجب فيه قيمة النقص، وهو ما يعرف عند الفقهاء بأرش النقص.


(١) قالت الحنفية: "ومن غصب شيئًا مما له مثل فهلك في يده فعليه ضمان مثله، وإن كان مما لا مثل له فعليه قيمته يوم الغصب". يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ١٢٩).
وقالت المالكية: "يجب رد عين المغصوب فإن فات ضمن المثلي بالمثل، والمقوم بقيمته يوم الغصب، وفي نقصه يخير ربه". يُنظر: "إرشاد السالك إلى أشرف المسالك" ابن عسكر (ص ١٠٢).
وقالت الشافعية: "أبعاضه التي لا يتقدر أرشها من الحر … تضمن لكن بعد الاندمال لا قبله بما نقص من قيمته إجماعًا، فإن لم تنقص لم يلزمه شيء". يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٦/ ١٦ - ١٧).
وقالت الحنابلة: "وإن نقصت لمرض ثم عادت ببرئه أو ابيضت عينه ثم زال بياضها ونحوه رده ولم يلزمه شيء". يُنظر: "الإقناع" للحجاوي (٢/ ٣٤٥).
(٢) قالت الشافعية: "وإن صبغ الغاصب الثوب بصبغة وأمكن فصله كلَّفه … وظاهر أن المالك إذا رضي بالبقاء في المسألتين لا يكلف الغاصب ذلك بل يجوز له، وإلا أي وإن لم يمكن فصله فإن نقصت قيمته لزمه أرش للنقص لحصوله بفعله". يُنظر: "فتح الوهاب" لزكريا (١/ ٢٧٩).
(٣) قالت الحنابلة: "ويرجع غاصب غرم الجميع لمالك على جانٍ بأرش جناية فقط؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>