للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإمام أبي حنيفة -رحمه اللهُ -: فقد فصل القول في ذلك، فقال: هذا النقص لا يخلو:

- من أن يكون يسيرًا أو غير يسير؛ فإن كان يسيرًا كخرق قليل في ثوب، فإنه في هذه الحالة يدفع الأرش مع رد الثوب (١)، فهو يلتقي مع الشافعية والحنابلة في هذا الجانب، أما إذا كان كثيرًا فإنَّه بذلك يخالفهم ويرى أن المالك الذي غصب حقه بين أمرين (٢):

إما أن يأخذ المعيب مع الأرش، فيكون كمذهب الشافعية والحنابلة.

أو أنه يأخذ القيمة، وهذا قريب من مذهب المالكية.

أما الشافعية (٣)، والحنابلة (٤) فإذا لم يكن العيب مستقرًا، أي: غير


(١) قال الحصكفي في "الدر المختار" (٦/ ١٩٤): "وفي خرق يسير نقصه؛ ولم يفوت شيئًا من النفع ضمنه النقصان مع أخذ عينه ليس غير؛ لقيام العين من كل وجه، ما لم يجدد فيه صنعة أو يكون ربويًّا".
(٢) قال النسفي في "كنز الدقائق" (ص ٥٧٨): "خرق ثوبًا فاحشًا ضمن القيمة وسلم المغصوب إليه أو ضمن النقصان".
وقال العيني في "البناية شرح الهداية" (١١/ ٢١٩): "وإن خرق خرقًا كثيرًا تبطل عامة منافعه فلمالكه أن يضمنه جميع قيمته؛ لأنه استهلاك من هذا الوجه فكأنه أحرقه. قال: معناه يترك الثوب عليه وإن شاء أخذ الثوب وضمنه النقصان".
(٣) قالت الشافعية: "يرد الطعام المبلول وما نقص من قيمته في الحال، وفيما بعد؛ لأنه وجد عين ماله، فرجع إليه، كالشاة إذا ذبحت، فأما إذا عفن الطعام في يد الغاصب لطول المكث. فقال الشيخ أبو حامد: "هو كالطعام الذي بله على ما مضى".
وقال القاضي أبو الطيب: "يجب على الغاصب رد الطعام الذي غصبه وإن كان عفنًا وأرش ما نقص، قولًا واحدًا، وهو اختيار ابن الصباغ؛ لأن العفن ليس من فعله، فلا يضمن ما تولد منه، بخلاف البلل، فإن قيل: فالعفن مضمون عليه لوجوده في يده، كالبلل الذي حصل بفعله، فكان ما تولد منهما سواء في الضمان. ألا ترى أنه لو ابتُلَّ بماء المطر، أو بله غيره. كان كما لو بله بنفسه؟
فالجواب على هذا: أن يقال: النقص الذي حصل بالبلل إذا زاد وكثر. فإنما حصل متولدًا منه، فأما العفن: فإنما يزيد ببقائه، أو بمكثه في يده، كما أن الأول حصل بذلك، لا أن بعضه يولد بعضًا، فافترقا". يُنظر: "البيان في مذهب الإمام الشافعي" للعمراني (٧/ ٢٤ - ٢٥).
(٤) قالت الحنابلة: وإن نقص المغصوب - قبل رده - نقصًا غير مستقر بأن يكون ساريًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>