للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البقعةُ معناها (١): القطعة من الأرض الخالية، فيأتي ويبنيها، أي: يأتي إلى قطعة أرض فيغصبها، ثم يبني فيها بيتًا أو دكانًا أو غير ذلك، فإذا ما رجع الحق إلى صاحبه يطالبه بإزالة ما في هذه البقعة، فيجب عليه أن يزيل ذلك، إلا لو اتفق مع المالك بأن يأخذها بثمنها، أو يتنازل الغاصب، وربما يصرُّ المغصوب له على إزالة ذلك، وهنا يقف العلماء فيقولون إن كانت في إزالتها مصلحة أنه يستجيب للمغصوب منه، وإن لم تكن هناك مصلحة فلا؛ لأن ذلك يترتب عليه ضرر بالنسبة للغاصب، والقصد من رد المغصوب إلى صاحبه رفع الضرر، والضرر لا يزال بالضرر.

فإذا قال: اهدم هذا البناء وخذ أنقاضه، أو: اخلع هذا الغرس من أرضي وخذ هذا الغرس معك، وعليك أن تهدم الحفر وتساوي الأرض، فله أن يطالب بذلك الغاصب؛ لأنه تعدَّى على حقَّه وملكه، وتصرفاته فيه بما لم يأذن به.

بعض العلماء يفصل فيقول: إذا كان قد استأجر على هذه الأشياء فإنَّه يأخذ من المالك الأجرة، وإن لم يكن استأجر فلا، وعند الشافعية والحنابلة لا يأخذ شيئًا؛ لأن يد الغاصب يد تعدٍّ، والمتعدي ليس له شيء.


= ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٣٠٤) قال: "ومن حفر في أرض مغصوبة بئرًا، أو شق فيها نهرًا ووضع التراب الخارج من البئر، أو النهر بها؛ أي: الأرض المغصوبة، فله، أي: الغاصب طمها، أي: الأرض المحفورة بئرًا، أو المشقوق بها النهر لغرض صحيح؛ كإسقاط ضمان ما يقع فيها، أو مطالبته بتفريغها من التراب، كما لو جعل ترابها في ملكه، أو ملك غيره، أو طريق يحتاج إلي تفريغه، ولو برئ من ضمان ما يتلف بها، أي: الأرض بسبب البئر أو النهر؛ لأن الغرض قد يكون غير خشية ضمان ما يتلف بها، وتصح البراءة منه، أي: الضمان؛ لأنه إنما لزمه لوجود تعديه، فإذا رضي صاحب الأرض بفعله زال التعدي، جعلا للرضا الطارئ كالرضا المقارن للفعل، وليس إبراءً مما لم يجب، وإن أراده، أي: الطم لغرض صحيح مالك ألزم غاصب به، أي: الطم لعدوانه، ولأنه يضر بالأرض ".
(١) البُقعة، بالضم، وهو الأفصح، ويفتح، عن أبي زيد: القطعة من الأرض على غير هيئة القطعة التي إلى جنبها. ج: بقاع، كجبال، وكذلك البقع، بضم ففتح. انظر: "تاج العروس" للزبيدي (٢٠/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>