للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "ليْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ" (١) لَكِنَّ هَذَا مُجْمَلٌ).

هذا الحديث عام، وهو حديث حسن، والحديث جاء بألفاظ عدَّة، والعِرق: هو ذلك الجذور التي تمتدُّ في الأرض، قال كثير من العلماء (٢): إن في الحديث حذفًا، "لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِم حَقٌّ"؛ أي: ليس لصاحب عِرق ظالم حَقٌّ، فيكون الوصف لصاحب العرق إلا أن يكون ذلك من باب المجاز، وقضية المجاز محل خلاف بين العلماء، فمن العلماء من يجيز المجاز مطلقًا في الكتاب والسُّنة، وفي لغة العرض ومنهم من يمنع ذلك في الكتاب ويجيزه في غيره، ومنهم مَن يمنعه في الكتاب وغيره، ويقول: ليس مجازًا وإنما هو مجاز بالحذف.

قوله: (وَمَفْهُومُهُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ ليْسَ لَهُ مَنْفَعَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ بَيْنَ مَالِهِ وَبَيْنَ الشَّيْءِ الَّذِي غَصَبَهُ (أَعْنِي: مَالَهُ الْمُتَعَلِّقَ بِالْمَغْصُوبِ)، قَهَذَا هُوَ حُكْمُ الْوَاجِبِ فِي غَيْرِ الْمَغْصُوبِ تَغَيَّرَ أو لَمْ يَتَغَيَّرْ. وَأَمَّا حُكْمُ غَلَّتِهِ).

الواجب على مَن غصب شيئًا أن يردَّه إلى صاحبه، فإن بقي على حاله أعاده؛ وإن تغير فهناك خلاف بين العلماء هل يأخذ مثله إذا تلفت العين، أو يأخذ القيمة؟

عرفنا في الكيل والوزن وكذلك النقود أخذ المثل، أما في عروض التجارة فقد نرى الخلاف فيها ودليل كلِّ قول.


(١) أخرجه أبو داود (٣٠٧٣)، والترمذي (١٣٧٨) وقال: حسن غريب، عن سعيد بن زيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من أحيا أرضًا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق "، وصححه الألباني في "الإرواء" (١٥٢٠).
(٢) قال ابن الأثير: "وليس لعرق ظالم حق ": هو أن يجيء الرجل إلى أرضٍ قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرسًا غصبًا ليستوجب به الأرض. والرواية: "لعرقٍ" بالتنوين، وهو على حذف المضاف: أي: لذي عرق ظالم، فجعل العرق نفسه ظالمًا والحق لصاحبه، أو يكون الظالم من صفة صاحب العرق، وإن روي "عرق" بالإضافة فيكون الظالم صاحب العرق، والحق للعرق، وهو أحد عروق الشجرة. انظر: "النهاية" (٣/ ٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>