للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ادْرَؤُوا الحدودَ بالشُّبهاتِ" (١).

إذن هذا إنسان غصب جارية فولدت عنده هذا الولد (ولد الذي غصب) لكن تُردُّ الجارية مع ولدها وكلُّ ما يترتب على ذلك، وعليه مَهر مثلِها، والمهر يكون للسيدِ، فالعلماء اختلفوا فيما يتعلق بالمهر، هل هناك فرق بين أن يكون وطأها دون رضاها وبين أن يكون برضاها؟

فأما إن وطأها بغير رضاها فهذا لا خلاف فيه بين من اختلفوا في ذلك في أنه عليه المهر (٢)، وأما لو وطأها برضاها فنرى خلافًا بين الشافعية والحنابلة؛ الحنابلة فيقولون (٣): يجب المهر، والمهر حق للسيد وليس حقًّا للجارية، فيجب أخذه على كلِّ الأحوال، حتى وإن طاوعته ورضيت.


=بأن كانت مكلفة غير جاهلة بالتحريم، وعليه، أي: الغاصب بوطئها مهر مثلها بكرًا إن كانت بكرًا كما صرَّح به الحارثي، وإلا فثيِّبًا".
(١) عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" (٩٣٤) لابن عدي في جزء له من حديث أهل مصر والجزيرة عن ابن عباس. ورواه مسدد في مسنده عن ابن مسعود موقوفًا.
وقال الزيلعي في "نصب الراية" (٣/ ٣٣٣): غريب بهذا اللفظ.
لكن روي معناه عن عائشة: أخرجه الترمذي (١٤٢٤) قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة"، وضعفه الألباني في "الإرواء" (٢٣٥٥).
وعن أبي هريرة: أخرجه ابن ماجه (٢٥٤٥) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ادفعوا الحدود ما وجدتم له مدفعًا"، وضعفه الألباني في "الإرواء" (٢٣٥٦).
(٢) تقدَّم نقل أقوال العلماء في هذه المسألة.
(٣) مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٤/ ٩٧) قال: "عليه، أي: الغاصب بوطئها مهر مثلها بكرًا إن كانت بكرًا كما صرحَّ به الحارثي، وإلا فثيبًا ".
ولو كانت مطاوعة؛ لأنه حق للسيد فلا يسقط بمطاوعتها … وعلى الغاصب أيضًا أرش البكارة التي أزالها؛ لأنه جزء منها، ولأن كلا من المهر والأرش يضمن منفردًا، بدليل أنه لو وطئها ثيبًا وجب مهرها، ولو افتضها بإصبعه وجب أرش بكارتها، فلذلك يجب أن يضمنها إذا اجتمعا، ويأتي في النكاح أن أرش بكارة الحرة يندرج في مهرها، وعلى الغاصب ردها، أي: الجارية إلى سيدها لما تقدم أول الباب ".

<<  <  ج: ص:  >  >>