للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَمَّا إِذَا قَصَدَ غَصْبَ الْغَلَّةِ دُونَ الْأَصْلِ فَهُوَ ضَامِن لِلْغَلَّةِ بِإِطْلَاقٍ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ عَطَّلَ أَوِ انْتَفَعَ أو أَكْرَى، كَانَ مِمَّا يُزَالُ بِهِ أو بِمَا لَا يُزَالُ بِهِ).

هذا ليس فيه خلافٌ بين العلماء؛ فلو أنَّ إنسانًا دخل بستانًا


= أي: إذا استعار شيئًا وأجَّره وأخذ أجره ملكه، ويجب عليه تصدقه لما ذكر، وربح، أي: تصدق أيضًا بربح حصل بالتصرف في مودعه ومغصوبه متعينًا بالإشارة أو الشراء بدراهم الوديعة أو الغصب ونقدها فإن أشار إليها ونقد غيرها أو إلى غيرها أو أطلق ونقدها لا يعني أن المودع أو الغاصب إذا تصرف في الوديعة أو المغصوب وربح يتصدق به عند أبي حنيفة ومحمد، وهذا واضح فيما يتعين بالإشارة إليه كالعروض ونحوها؛ لأن العقد يتعلق به حتى لو هلك قبل القبض يبطل البيع فيستفيد الرقبة واليد في المبجع يملك خبيث، فيتصدق به، أما فيما لا يتعين كالدراهم والدنانير فقد ذكر في الجامع الصغير إذا اشترى بها فإنه يتصدق بالربح فظاهر هذه العبارة يدل على أنه أراد به إذا أشار إليها ونقد منها، وأما إذا أشار إليها ونقد من غيرها أو أطلق ونقد منها أو أشار إلى غيرها ونقد منها ففي كل ذلك يطيب له؛ لأن الإشارة إليها لا تفيد التعيين فيستوي وجودها وعدمها إلا أن يتأكد بالنقد منها".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٣/ ٤٤٨) قال: "واحترز بمستعمل عما إذا عطل كدار غلقها، وأرض بورها ودابة حبسها فلا شيء عليه ولا يخالف قوله فيما يأتي ومنفعة الحر، والبضع بالتفويت وغيرهما بالفوات؛ لأنه في غصب المنفعة وما هنا في غصب الذات فإذا غصب أرضًا وبورها فإن قصد غصب الذات فلا كراء عليه، وإن قصد غصب المنفعة لزمه كراء مثلها".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٣٨/ ٤ - ٣٩) قال: "الأيدي المرتبة على يد الغاصب عشرة … الثانية: يد مستأجر، وقد ذكرها بقوله: وفي إجارة يرجع مستأجر غرم المالك قيمة العين، والمنفعة على غاصب بقيمة عين تلفت بيده بلا تفريط، وجهل الحال؛ لأنه لم يدخل على ضمانها، بخلاف قيمة المنفعة فتستقر عليه؛ لدخوله على ضمانها، ويرجع غاصب غرم المالك العين والمنفعة عليه -أي: على مستأجر بقيمة منفعة؛ لأنه دخل على ضمان المنفعة دون العين، فإن ضمن المالك الغاصب العين أو المنفعة معا؛ رجع الغاصب على المستأجر بقيمة المنفعة، وإن ضمنها المستأجر؛ رجع على الغاصب بقيمة العين ".

<<  <  ج: ص:  >  >>