للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقّ" (١). وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا خُرِّجَ عَلَى سَبَبٍ).

سبب الخلاف: حديثان ذكرهما المؤلف وهما:

قوله عليه الصلاة والسلام: "الخَراجُ بالضَّمان والآخر: "ليس لعِرقٍ ظالم حقّ ".

فالأول يُفهَم منه الخراج بالضمان أن هذه المنفعة التي يَأخُذها من عنده تكون مقابل ضمانه لها، وهذا الحديث له قصة جعلها العلماء قاعدة فقهية عظيمة، وفرَّعوا عليه كثيرًا من المسائل، وهي قاعدة: "الخراجُ بالضمان" (٢)، وقصة هذا الحديث: أن رجلًا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى غلامًا وبقي عنده، وبعد مدَّة وجد فيه عيبًا، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بردَّه للعيب، فقام صاحبُه الذي باعه وقال: يا رسول الله إنه استعمله؛ (أي: أخَذ غلَّته)، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الخراج بالضمان ".

وهذا لا ينطبق على ما قاله أبو حنيفة؛ فهذا اشترى عبدًا وتبيَّن له أنَّ به عيبًا فردَّه فكانت الغلَّة مقابل ضمانه له، لكن هذا إنسان غاصب تعدَّى وتجاوز الحدَّ وأخذ حقَّ غيره واستعمله بغير إذن شرعي، فكيف يقال له بأنه لا يُؤاخذُ؛ لأنه ضامن.

ويُستدلُّ بالحديث وليس فيه حجة، ويؤيِّد ذلك الحديث الآخر: "ليس


= فقال الرجل: يا رسول الله، قد استغل غلامي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الخراج بالضمان "، وحسنه الألباني في "الإرواء" (١٣١٥).
(١) تقدم تخريجه.
(٢) قال ابن الأثير: يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين المبتاعة عبدًا كان أو أمة أو ملكًا، وذلك أن يشتريه فيستغله زمانًا ثم يعثر منه على عيب قديم لم يطلعه البائع عليه، أو لم يعرفه، فله رد العين المبيعة وأخذ الثمن، ويكون للمشتري ما استغله، لأن المبيع لو كان تلف في يده لكان من ضمانه، ولم يكن له على البائع شيء. والباء في بالضمان متعلقة بمحذوف تقديره الخراج مستحق بالضمان، أي: بسببه. انظر: "النهاية" (٢/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>