للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعرق ظالم حق وجاء: "ليس لعرق ظالم حق القصد" (١)، والمراد: إنما هو الظالم نفسه، وليس له حقّ، وفي رواية: "ليس لعرقٍ ظالم حق" بالتنوين، أي: لذي عرق ظالم حق، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - بيَّن بأن الغاصب المعتدي ليس له إلا الحجر، أما أن يأخذَ حقوق الناس ويستغلَّها ويقال مقابل الضمان فهذا ليس حقيقة بحجة، والاستدلال بالحديث الأول هو استدلال فى غير محلِّه؛ لأنَّ الحنفيَّة (٢) تأوَّلوه، وما تأولوا به الحديث غير مسلَّم.

قوله: (وَهُوَ فِي غُلَامٍ قِيمَ فِيهِ بِعَيْبٍ، فَأَرَادَ الَّذِي صُرِفَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي غَلَّتَهُ، وَإِذَا خُرِّجَ الْعَامُّ عَلَى سَبَبٍ هَلْ يُقْصَرُ عَلَى سَبَبِهِ أَمْ يُحْمَلُ عَلَى عُمُومِهِ؟).

إذا جاء دليل عامٌّ من كتاب أو سنة فهل يقصر على سببه أو يتجاوز به؟ وهل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟

الأَوْلى: أن العبرة بعموم اللفظ ما لم يرد دليل يدلُّ على أن المراد هو قَصْرُه على السببِ ذاتِه (٣).


(١) لم أقف عليه.
(٢) يُنظر: "الهداية" للمرغيناني (٤/ ٣٠١) قال: "ومن غصب أرضًا فغرس فيها أو بنى قيل له اقلع البناء والغرس وردها لقوله عليه الصلاة والسلام: "ليس لعرق ظالم حق "؛ ولأن ملك صاحب الأرض باق، فإن الأرض لم تصر مستهلكة والغصب لا يتحقق فيها، ولا بد للملك من سبب فيؤمر الشاغل بتفريغها، كما إذا شغل ظرف غيره بطعامه.
قال: فإن كانت الأرض تنقص بقلع ذلك فللمالك أن يضمن له قيمة البناء والغرس مقلوعًا ويكونان له؛ لأن فيه نظرًا لهما ودفع الضرر عنهما. وقوله قيمته مقلوعًا معناه قيمة بناء أو شجر يؤمر بقلعه؛ لأن حقه فيه؛ إذ لا قرار له فيه فتقوم الأرض بدون الشجر والبناء وتقوم وبها شجر أو بناء، لصاحب الأرض أن يأمره بقلعه فيضمن فضل ما بينهما".
(٣) قاعدة: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:
مذهب أكثر المالكية كما حكاه القرافي في "شرح تنقيح الفصول" (ص ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>