للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَعَلَ ذَلِكَ فِي الرَّقَبَةِ دُونَ الْغَلَّةِ، قَالَ: لَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ الْغَاصِبُ. وَأَمَّا مِنَ الْمَعْنَى كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِنَا فَالْقِيَاسُ أَنْ تَجْرِيَ الْمَنَافِعُ وَالْأَعْيَانُ الْمُتَوَلِّدَةُ مَجْرًى وَاحِدًا).

أحسنَ المؤلف في هذا القول: "مِنْ قَوْلِنَا فَالْقِيَاسُ "، وقصده القياس الذي يلتقي مع روح هذه الشريعة، فإن هذا القياس يقتضي ألا يُفرِّق بين الأصل وبين الغلة فهذا غصب لا يقتضيه القياس، والقصد بذلك القياس الصحيح الذي لا يُعارض النصوص، وإنما يلتقي معها.

قوله: (وَأَنْ يُعْتَبَرَ التَّضَمُّنُ أو لَا يُعْتَبَرَ).

هل يتضمن الجميع أو لا يتضمن؟ الصحيح أنه يُعتبر التضمن فإنَّه يتضمن الأصل وما نما عنه (١).

قوله: (وَأَمَّا سَائِرُ الْأَقَاوِيلِ الَّتِي بَيْنَ هَذَيْنِ فَهِيَ اسْتِحْسَانٌ).

وهذا أيضًا عملٌ ثانٍ حسنٌ من المؤلف رحمه الله، فهذه الأقوال استحسانٌ من أصحابها، فقد اجتهدوا فيها وعلَّلوا وقصدُهم بلا شك الخيرُ، ومعلومٌ أنَّه "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد" (٢).

لكن بشرط أن يكون أهلًا للاجتهاد، وأن لا يكون دافعه إلى هذا الاجتهاد هو الهوى أو غرس في نفسه يحقِّق له ما يريد.

قوله: (وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنِ اغْتَرَسَ نَخْلًا أو ثَمَرًا بِالْجُمْلَةِ وبنيانًا فِي كَيْرِ أَرْضِهِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ) (٣).


(١) تقدم نقل أقوال الفقهاء في هذه المسألة.
(٢) أخرجه البخاري (٧٣٥٢)، ومسلم (١٧١٦/ ١٥) عن عمرو بن العاص، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر".
(٣) مذهب الحنفية: ينظر: "الدر المختار" للحصكفي (٦/ ١٩٤) قال: "ومن بنى أو غرس =

<<  <  ج: ص:  >  >>