للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه قد تعدَّى تعديًا صريحًا، فهو يأتي إلى أرض إنسان فيستولي عليها ويغرس فيها غرسًا ما عقوبته أن يقال: اقلع ما فعلت، ثم بعد ذلك يطالب أيضًا بتسوية ما فيه.

قوله: (لِمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ" (١)، وَالْعِرْقُ الظَّالِمُ عِنْدَهُمْ هُوَ مَا اغْتُرِسَ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةً: قال عُرْوَة: وَلَقَدْ حَدَّثَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ: "أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ --صلى الله عليه وسلم-- غَرَسَ أَحَدُهُمَا نَخْلًا فِي أَرْضِ الْآخَرِ، فَقَضَى لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِأَرْضِهِ، وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْهَا قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَتُضْرَبُ أُصُولُهَا بِالْفُؤُوسِ، وإِنَّهَا لنَخْلٌ عُمٌّ).

"نَخْل عمٌّ ": هي التامة في طولها والتفافها، وواحدتها: عَميمة، ومنه


= في أرض غيره بغير إذنه أمر بالقلع والرد لو قيمة الساحة أكثر كما مر".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٣/ ٤٦١) قال: "وإن زرع غاصب لأرض، أو لمنفعتها فاستحقت، أي: الأرض بمعنى: قام مالكها وليس المراد به الاستحقاق المعروف الذي هو رفع ملك شيء بثبوت ملك قبله؛ إذ الكلام في الغاصب والمتعدي، فإن لم ينتفع بالزرع بأن لم يبلغ أحد الانتفاع به ظهر، أو لم يظهر أخذ بلا شيء في مقابلة البذر، أو العمل، وإن شاء أمره بقلعه، وإلا بأن بلغ حدَّ الانتفاع به، ولو لرعي فله، أي: للمستحق قلعه، أي: أمر ربه بقلعه وتسوية الأرض".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٦/ ٤٢) قال: "وإن كانت الزيادة التي فعلها الغاصب عينًا كبناء وغراس كلف القلع وأرش النقص ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٢٩٩): قال: "وإن غرس غاصب أرض فيها أو بنى فيها أخذ أي: ألزم بقلع غراسه أو بنائه ".
(١) الحديث هكذا مرسلًا، أشار إليه الترمذي عقيب (١٣٧٨)، وتقدم تخريجه موصولًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>